رئيس التحرير
عصام كامل

مطالب المعارضة بين الواقع والخيال


ليس هناك شك فى أن مصر تعيش حالة من الفوضوية على المستوى السياسى والاقتصادى وأن درجة الشك وعدم المصداقية ما بين القوى السياسية والأطراف المتعددة التى أدت إلى تعقد الموقف فى مصر ووصل إلى ذلك الحد التى أصبحت فيه العربة أمام الحصان .. وكما هو معروف فى نظرية الصراع أنه كلما زاد عدد أطراف الصراع كلما زادت درجة تعقيده ومن ثم يصعب حله وتسويته .. ذلك ما يحدث فى مصر ولكن القياس مع الفارق ..


من الناحية النظرية قد يرى البعض أن مطالب المعارضة قد تكون مشروعة أو لديها قدر من القبول ولكن علينا أن نعيد قراءة الأمر فى ظل الظروف المحيطة أى ظروف عدم الاستقرار التى تمر بها مصر وتمزق هذه القوى والتيارات السياسية بسبب الفرقة وعدم المصداقية والظنون لذلك فإن مطالبتها فى حالة عدم الاستجابة لطلباتها بالدعوة إلى انتخابات رئاسة مبكرة فإن ذلك يعد درباً من الخيال إذ إنه ليس من المنطق أن يقبل الرئيس مرسى الاستقالة من الحكم والدعوة إلى انتخابات مبكرة لاهو ولا جماعة الإخوان ومعظم التيارات الإسلامية التى قد ترى فى ذلك نوعاً من الانتحار والتراجع أمام التيار المدنى والليبرالى .. وأن ذلك المسلك لن يؤدى إلى الاستقرار أو حتى الوصول إلى الحد الأدنى من الاستقرار الذى يمكن أن يكون خطوة البداية نحو إعادة صياغة السياسة والحكم فى مصر وإلى الوصول إلى تلك الصيغة التوافقية التى تستوعب جميع القوى السياسية والتيارات وكل أطياف الشعب المصرى وبحيث يجد كل تيار أنه ممثل بالفعل وليس مهمشاً .. والأهم من هذا وذاك هو أن تحدد هوية النظام وطبيعة الحكم فهل هى دولة دينية ديموقراطية أم دولة بيروقراطية ذات مرجعية دينية فى ظل حكم أصولى إذ إننا رأينا أن أحد أقطاب حزب النور السلفى الذى تقدم بالمبادرة التى قبلها البعض ورفضها البعض الآخر بأنه شرط طرح هذه المبادرة والموافقة على المضى فيها مرتهناً بالاعتراف والإقرار بالمشروع الإسلامى ذلك هو لب وجوهر الصراع الدائر الآن هو الاتفاق على طبيعة الحكم وهوية مصر وكذلك الاتفاق على آلية للحكم ..

العقلاء والراشدون يرون أن هذه الخطوة لن تتحقق وأن قوى المعارضة لا تملك أية قواعد لها فى الشارع كما أنها فيما بينها مختلفة على نفسها ومنقسمة ومن ثم فهى لا يمكن لها أن تقوم على هذه الخطوة أو يتم الاستجابة لمطالبها ولكن عليها أن تسعى إليه أن تفعل ما يمكن أن يتحقق أو يكون فى متناول اليد وهو أن تسعى إلى تحقيق الاستقرار وتوضيح ملامح المرحلة القادمة والنظام السياسى القادم والحد من العنف من خلال الحوار البناء وأن تستعد للخطوة القادمة وهى الانتخابات البرلمانية التى يمكن من خلالها تحقيق التوازن ما بين القوى السياسية والوصول إلي نقطة البداية فعصفور فى اليد خير من عشرة على الشجرة .


الجريدة الرسمية