رئيس التحرير
عصام كامل

حديث الإله

الراحل توفيق الحكيم
الراحل توفيق الحكيم


«إنها مناجاة بلغتى الخاصة.. وثقافتى الخاصة.. تعبيرًا عن حبى الخالص لربي».. فقرة واحدة من مقدمة رائعة كتبها الراحل توفيق الحكيم في مقدمة كتاب «الأحاديث الأربعة».. «الحكيم» أدرك جيدًا أنه يخطو -بكامل قواه العقلية- في حقل ألغام، دون لوحات إرشادية، ورغم هذا قال «استعنا ع الشقى بالله» وكانت «الأحاديث الأربعة»..


ورغم تراجعه -بعض الشيء- وتعديله في عنوان حواره مع الله جل وعلا، ليصبح «حوارًا مع نفسي»، فإن هذا التراجع «التكتيكي» لم يبعده عن «نيران الغضب»، فما هي إلا أيام قليلة واشتعلت الساحة الثقافية والسياسية بـ«حوار الحكيم الأول» هذا الحوار الذي خلق أزمة بين الأخبار وبعض قرائها، فالبعض تطوع -لمجرد الرغبة في تصدر المشهد- بإطلاق الاتهامات جزافًا، وآخرون قالوا «وداونى بالتي كانت هي الداء» فجاءت ردودهم -رغم غضبها- مشاركة رائعة في تفنيد أزمة «الحديث مع الله».

الشيخ الراحل محمد متولى الشعراوى واحد من الذين أعلنوا رفضهم القاطع «حديث الحكيم»، وخرج ليقول، في إحدى الندوات التي عقدتها جريدة اللواء الإسلامي: الأستاذ توفيق الحكيم لم يقل لنا كيف كلمه الله.. هكذا مواجهة أم أرسل إليه ملكًا أم ماذا حدث؟ وما هي الكيفية التي تم بها الحديث فإن كان الحديث من الله تخيلًا أن الله يقول فكأن الأستاذ توفيق الحكيم قد قيد مرادات الله بمراداته، أي أنه قد قيد إرادة الله بإرادته هو؛ فما يريده عقل توفيق الحكيم يقوله الله سبحانه وتعالى في مقالاته وما لا يريده لا يقوله.


حالة الغضب التي قوبلت بها «حوارات الحكيم» دفعت «أخبار اليوم» لتكتب في عددها الصادر صباح 13 مارس 1983، معلقة على حملة الهجوم التي يتعرض لها «توفيق الحكيم» الآتي» كنا نود أن نرى أحد هؤلاء المفسرين المحترمين يقارع صاحبنا الحجة بالحجة، ويقول له: أنت أخطأت في كذا وكذا، وهذا هو الرأى الآخر الصحيح من وجهة نظرنا لما تقول. ولكنهم لا يطيقون رأيا آخر، ولا يجادلون بالتي هي أحسن كما قال الله لرسوله الكريم، إن أحدًا لم يتحدث في الموضوع، ومعظم الردود التي ظهرت انصرفت إلى محاسبة الرجل على ما قاله، ولماذا قاله.. وإنه رجل غير مأمون، وأنه يدبر في نفسه أمرًا للإسلام والمسلمين.. كل هذا حتى ننسى الموضوع المهم الذي أثاره الرجل الحكيم، وحتى يظل المسلمون في ظلمات فوق ظلمات.. وسبحانك ربى فأنت على كل شيء قدير.
الشيخ «متولى الشعراوي» و«أخبار اليوم» والكاتب الراحل «توفيق الحكيم» لم يكونوا هم الأطراف الوحيدة في الأزمة، فقد خرج مرشد جماعة الإخوان -وقتها- عمر التلمسانى ليرد على «الحكيم» بمقال «أهكذا تختم حياتك أيها الحكيم»، وكتب أيضًا الدكتور محمد أحمد المسير مقالًا حمل عنوان «أدب الحديث عن الله»، وفى الصفحات التالية نقدم ما كتبه «التلمساني» و»المسير» والحديث الأول لـ»الحكيم».
الجريدة الرسمية