رئيس التحرير
عصام كامل

إله الإنسان أم الإنسان الإله ؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


ربما الكلام الذي سأتحدث فيه الآن لن يأتى على هواء الكثيرين بسبب سيطرة التابو الدينى على الوعى المصرى حتى الآن، لذا الرجاء إذا وجدت أن هذه المقالة ستسبب لك عثرة، أرجو منك أيها القارئ ألا تكملها.


إله الإنسان أم الإنسان الإله ؟ هذا السؤال حير الكثير من الفلاسفة والعلماء الذين تمعنوا في علم الكونيات والروحانيات وكيف يجعلون الله محسوسًا بالنسبة لهم، تلك القوة غير المحدودة وكانوا باحثين عنه في جميع نواحى الحياة، فمنهم من ذهب إلى الطاقة السرمدية لتعريف الإله، ومنهم من ذهب إلى الطاقة الفيزيائية، ومنهم من استغل وجود التكنولوجيا، ومنهم من اعتمد على قصص التاريخ وغيره وغيره، وهناك فريق آخر أخذ على عاتقه التشكيك في كل تلك المعطيات والفروض والنظريات وبقى المجال مفتوحًا أمام الجميع للاجتهاد وظهرت طوائف كثيرة وتعددات وأحزاب تنادى بأفكار ومعتقدات منها المتحرر ومنها المنغلق على أفكار رجعية ومنها ما يخالف الطبيعة وشرعت النظريات ما بين فريق يتجه إلى تطبيق مبدأ إله الإنسان أي أن للإنسان إله يعبده ويلجأ اليه وهذا الإله له شريعته ومبادئه التي اختلفت من عقيدة لاخرى بل إنها أيضا داخل العقيدة الواحدة تعددت وتنوعت منقسمة إلى طوائف ومذاهب لذا لم يعجب هذا فريقًا آخر فأخذ على عاتقه أن يجعل نفسه بلا إيمان أو مبادئ سمائية تقيده أو تحدده أو تضع له المعايير ليصبح هو الإنسان الإله على الأرض وما زالت تلك النوعية موجودة حتى الآن ولم تنته عند انتهاء ظهور الشرائع السماوية وانتهاء العصور الفرعونية التي ألّهت الفرعون الإنسان وما يوازيها من حضارات أخرى مثل البابلية والأشورية وغيرها التي وضعت الأباطرة والملوك في صفوف الإلهة، أن هذا النوع ما زال مستمرًا مع اختلاف المسميات والأزمنة، وعلى هذا الأساس بدأ الصراع الكونى ما بين الفريقين كل منهما يريد أن يثبت أنه الأصح وأن معتقداته هي التي ستؤدى في النهاية إلى الراحة النفسية العميقة للإنسان لينبثق نوع جديد ألا وهو من يحب أن يعامل الله بحيادية تامة فكما أعطاه الله يعطيه هو، وكما أخذ منه الله يأخذ منه هو، وهذا النوع الذي أطلق عليه مجازًا النوع الليبرالى الحر الذي يذهب بتفكيره إلى ألا يقيد الفكر الإلهى في شريعة مثل من ذهبوا في تقييمهم ولم يمنع وجود الإله مثل الفريق الآخر بل أخذ مبدأ...

كما تعاملنى أعاملك لأنه هكذا هي الحياة التي لا يوجد فيها بالمعنى البلدى «خيار وفاقوس» وتوضيحًا وأكثر عمقًا إذا تعمقنا في نفسية الشخص الليبرالى المسيحى الذي ينهج هذا النهج نرى لديه تفتح في علاقته مع الله لا تذهب إلى حد التطرف أو إلى حد التعنت أو إلى حد التحرر المريب الشاذ الذي يتمتع به أقرانه في الغرب مثلًا، بل إنه يأخذ منهجًا وسطيًا محاولًا التعامل مع الله بمبدأ الحياة السعيدة الهنيئة ترضى جميع الأطراف وعدم التعدى على الآخر أو أذية شعوره، ولكن إذا انقلب الوضع معه وأصبح المناخ غير مهيأ للمعيشة التي يتمناها ويرجوها من الحرية فإنه يسعى إلى تغيير منظومة حياته والاتجاه بعيدًا إلى حياة أفضل، مفضلًا الهجرة مثلًا إذا فشل في إيجاد مناخ صحى له، متبعًا أن الله هنا هو مثل الله هناك عكس المتشدد الذي يرى أن بلده هو البلد المختار عند الله، والليبرالى المسيحى دائمًا يغلب عليه منطق الحكمة وصوت العقل حتى وإن تنافى مع الإرادة الإلهية فهو ليس من أتباع مبدأ في العبد التفكير وفي الرب التدبير بل يأخذ منهجا آخر إلا وهو إذا فشل ما خطط إليه أو أنه لم يلاق الصدى المطلوب اعتبر ذلك عيبا في تخطيطه وليس إرادة إلهية ليبدأ من جديد في التخطيط والتنظيم ومعالجة مواقفه السلبية واللجوء مرة أخرى إلى التجربة، مقتنعًا بأن الحاجة أم الاختراع وأنه لا مطلب دون المسعى.

وفي النهاية ستظل الأحجوجة قائمة حتى اليوم الأخير بين الفريقين...
إله الإنسان أم إنسان الإله ؟؟؟ أم من انبثق منهما معتبرًا نفسه ليبراليًا...؟
الجريدة الرسمية