مصر والواقفون على التلال
الواقفون على التل يرتقبون نتائج الحرب الدائرة، ينتظرون الانحياز للفريق المنتصر، ورفع رايته والانصياع لأوامره ونواهيه وجمع ما يمكن جمعه من غنائم، أما البعض الآخر فيقف على تلال أموال السحت والحرام، لا يعصون الشيطان ما أمرهم وينفذون ما يلقى إليهم من أوامر قتل وتفريق بين الصفوف، والمهم هو ما يحصدونه في مواسم الغنائم، وما أكثر هذه المواسم التي جنى فيها هؤلاء أرباحا طائلة، تمكنهم الآن من الظهور بمظهر المناضلين السياسيين الكبار، رغم أنهم مجرد حفنة من المرتزقة الكاذبين!
الآن يقف الكثير من البسطاء على التلال تائهين منتظرين نهاية حرب لا يفكرون ولو لبرهة أن بوسعهم المشاركة فيها، وأن يكونوا رقما له قيمة يرجح كفة العدالة لصالح المظلومين المضطهدين طيلة العصور الماضية.
الواقفون على التل أشكال وأنواع أسوأهم بالقطع الواقفون على تلال المال، أولئك الذين لم يشبعوا من القبض والارتشاء، رجال كل زمان وعصر وأوان، القادرون على التلون وتغيير المواقف وفقا لمقتضى الحال.
الشيء المؤكد أن ثمة صراعا ضاريا يجري في العلن والخفاء، وأن مصر تقف على مفترق طرق بين البقاء في حالة ارتهان لذات القوى التي هيمنت على قرارها السياسي طيلة العقود الماضية، وأن القوى المتغطرسة التي تريد أن تبقى ميهمنة تسعى جاهدة لمنع أي تطور يفضي إلى تحقق خيار استقلال القرار، رغم أن هدفا كان من المتعين أن يكون على رأس أهداف ثورة 25 يناير وما تلاها من تطورات، إلا أن المتنافسين على الحكم تصرفوا بذات الطريقة والأسلوب اللذين تصرف بهما المخلوع وقدموا مصر رهينة للاستكبار العالمي من أجل الوصول إلى الكرسي والبقاء عليه.
الآن لم يعد الصراع على استقلال مصر مجرد خيار فكري؛ فإما يقوم المصريون باسترداد قرارهم وثروتهم ووجودهم، وإما أن يزداد الحال سوءا؛ لأننا ابتلينا كما ابتلي غيرنا على مدى التاريخ بمن يرغبون في إعلاء تل المال الذي يتربعون عليه، ولا يجدون حرجا في القيام بدور وكيل مصالح الكبار وحتى الصغار، والمهم هو ما يدخل جيبه من أموال.
بقيت معضلة الواقفين على التل ممن لا يرون لأنفسهم دورا ولا قيمة من أي نوع، ويصرون على البقاء إما في موقع المتفرج أو موقع الناقد دون اتخاذ أي موقف مبادر.
نعتقد أن على أصحاب النوايا الحسنة أن يبادروا بالمشاركة الفاعلة، والكف عن البقاء في تلال المتفرجين ناهيك عن تلال المال التي يتربع عليها المنافقون المرتشون.