رئيس التحرير
عصام كامل

الناصرية.. مفقودة الصلاحية


«كل وقت وله أذان».. إنها حكمة يتفق عليها الجميع، لكن يبدو أنها غابت عن أصدقائنا من الناصريين. لقد عجزوا عن تفسير تحركاتهم التي يطالبون فيها بتطبيق الأيديولوجية الناصرية مع رفع صور الرئيس جمال عبد الناصر عليه رحمه الله، مع التحفظ على وجود أيديولوجية ناصرية قابلة للتطبيق.


هل هناك عاقل يقبل أسلوب الناصريين في الاعتقالات التي شهدتها مصر في الخمسينات والستينات من القرن الماضي؟! هل يمكن لرئيس مصر الجديد أن يقدم المتظاهرين إلى محكمة عسكرية ميدانية تحكم بالإعدام على زعماء الإضراب والاعتصام كما فعل عبد الناصر بمعتصمي كفر الدوار؟

هل يستطيع حكام مصر الآن، أو أي دولة أخرى، مصادرة الأموال الخاصة بقرار إداري كما فعل مجلس قيادة الثورة في الخمسينات؟

هل يجوز الآن التوسع في أعمال التأميم وتحويل المصانع والشركات الخاصة إلى قطاع عام، بينما أكثر من ٨٠٪ من الإنتاج القومي يخرج من القطاع الخاص؟! هل يمكن الآن أن نطالب المستثمرين الأجانب والشركات العالمية وأصحاب رءوس الأموال باستثمار أموالهم في مصر ونحن نصادر المال الخاص؟

هل يستطيع حكام مصر الآن تطبيق الأساليب الناصرية على الصحافة وأجهزة الإعلام لتكون جميعها ملكا للدولة وتحت سيطرتها وخاضعة للرقابة المباشرة التي عرفها الإعلام المصري في العهد الناصري؟

هل تستطيع دولة الآن أن تغلق على نفسها وتتحكم في الحركة التجارية وتمنع الاستيراد بينما أقصادها لا ينتعش إلا بالتصدير؟

هل يتصور أصدقاؤنا الناصريون أنه من الممكن التعامل مع إثيوبيا بالأساليب الناصرية التي كانت تحكم العلاقات المصرية الأفريقية؟ هل يمكن وقف سد النهضة الإثيوبي عن طريق إثارة المشاكل الداخلية في إثيوبيا، و«تأليب» جيرانها عليها وتزويدهم سرًّا بالسلاح والمدربين والخطط التآمرية وتصدير الإرهاب العالمي إلى أراضيها حتى تعجز عن التفكير في أي مشروع تنوي إقامته لإنتاج الكهرباء أو حتى إنتاج الغذاء؟

هل من ناصري في مصر يستطيع أن يجيب عن كل هذه التساؤلات، أليس هناك من يعي أن ما كان يصلح في الخمسينات من القرن الماضي لا يصلح الآن، وأن «كل وقت وله أذان»؟
الجريدة الرسمية