لو كنت رئيس مصر "3"
العدالة الاجتماعية هى الفريضة الغائبة لدى أغلب الحكام المستبدين الفاسدين الناهبين ثروات شعوبهم والفاشلين فى إدارة الدول..
وهذا ملف مهم وحيوى بالنسبة لأى رئيس جديد؛ لأن الشعوب تريد أن تشعر بأن حياتها تتحسن وأوضاعها الاقتصادية تتقدم والأزمات تتلاشى، وهذا ما حدث فى مصر.. فثورة 25 يناير كان أحد أهم أسبابها هو غياب العدالة الاجتماعية وتحول حياة المواطنين لجحيم من تفاقم الأزمات الاقتصادية وارتفاع الضرائب والأسعار وانتشار البطالة والفقر بشكل رهيب جعل الشعب يكفر بحكم مبارك ويعلن الخروج عليه فى محاولة للإصلاح.
ولكن غالبًا لا تقدم الثورات ما تتمناه الشعوب، وهذا ما حدث فى مصر، فبعد فترة قصيرة من حكم الرئيس مرسى لم نر أى تغييرات جوهرية فى ملف العدالة الاجتماعية، بل الأوضاع تزداد تراجعًا وتدهورًا بشكل واضح للجميع، ولكنى كمواطن مصرى تخيلت أننى رئيس للجمهورية وقررت اتخاذ عدة خطوات محددة فى ملف العدالة الاجتماعية من أجل شعبى الذى انتخبنى ولكى نرسل رسالة للعالم أن الثورة المصرية نجحت فى تحقيق أهدافها، ولذلك بعد دراسة أهم الملفات المشتعلة قررت التالى:
1- من أهم عوامل غياب العدالة الاجتماعية وأكثرها وضوحًا فى مصر، غياب المعايير المحددة لتولى الوظائف وطرق التعيين فكل وزارة أو هيئة أصبحت "عزبة خاصة" لموظفيها، وتم التوريث المباشر للوظائف فى مصر بشكل واضح، وهذا خلق حالة من الفساد لا حدود لها، وجعل قطاعًا عريضًا من الشعب يشعر بأنه غريب فى وطنه ومهما تعلم واجتهد فلا مكان له.. والشواهد كثيرة بداية من التوريث فى الجامعات والقضاء والداخلية والجيش والإعلام والخارجية وغيرها، حتى أصبحنا نعيش فى دولة تقتل الأمل فى قلوب شبابها، ووصلنا لانتحار بعض الشباب نتيجة الإقصاء من الوظائف؛ لأنه فقير أو ليس من أبناء العاملين.. ولذلك قررت كرئيس جمهورية وضع قانون واضح ومحدد للوظائف فى كل مؤسسات مصر معياره الوحيد "العلم والخبرة"، ويتم تطبيقه على الجميع ولا يوجد استثناء لأحد حتى لا نرى كما هو الآن عائلات تُسيطر على وزارات مهمة فى مصر، وكذلك قررت تحديد سن الخروج إلى المعاش للموظفين الرجال والنساء ولا يتعدى 55 عامًا، فلا يعقل أن نجد وزارات سن المعاش فيها 70 عامًا، وذلك لكى نوفر فرص عمل جديدة للشباب المصرى.
2- الدول المتخلفة الظالمة هى التى لا تحدد معيارًا واضحًا للرواتب والأجور على أساس المستويين "العلمى والمهنى"، وهذا ما حدث فى مصر فى السنوات الماضية ومستمر حتى الآن، فكل وزارة وهيئة لها أجور ورواتب تختلف عن الأخرى، وهذه كارثة بكل المقاييس، حيث نجد موظفًا بدرجة معينة يحصل فى وزارة على أجر متدنٍ وفى وزارة أخرى يحصل على أجر عالٍ جدًا.. ومثل هذه الحالات تسهم فى احتقان الشارع المصرى للشعور بغياب العدالة الاجتماعية، ولذلك تحديد الحدين "الأدنى والأقصى" للأجور أمر مهم وحيوى.. وفى الوقت نفسه القانون يطبق على الجميع ولا يوجد استثناء لأى جهة أو شخص؛ لأن ما يحدث جعل البعض يتسابق للتعيين فى الوزارات ذات الأجر العالى والهروب من الوظائف ذات الأجور المتدنية، وهذا ما خلق حالات الفساد فى التعيينات فى السنوات الماضية فى وزارات وجهات معروفة للجميع.
3- العدالة الاجتماعية تتطلب من الرئيس البحث عن كل الوسائل والبدائل الممكنة من أجل توفير مناخ عام داخل الوطن يشعر المواطنون فيه بالعدالة الاجتماعية، وهناك قرارات واضحة وسريعة وقرارات تحتاج سنوات وجهدًا كبيرًا، ومثلًا هناك حلول سريعة مثل إصدار مجموعة من القوانين تتعلق بالمساواة فى الحقوق والواجبات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية، فلا يُعقل أن تتحول مصر لدولة منقسمة بين مسلمين وأقباط، ولا يعقل أن يكون هناك نوع من التمييز لمجموعة من البشر على الآخرين، ولا يعقل أن مصر حتى الآن لا يوجد بها معيار محدد لتوزيع الدخل القومى على المواطنين ولا توجد بها سياسات واضحة لمكافحة الفقر.. وعلى الجميع أن يعلم أن المعيار الحقيقى لنجاح أو فشل أى رئيس هو ملف "العدالة الاجتماعية".
dreemstars@gmail.com