داخلية مرسى
لأننا رأينا المشهد فقط وبالصدفة، عرفنا ماهى عقيدة وزارة الداخلية المصرية فى عهد الدكتور مرسى.. ليس هذا حادثًا فرديًا، فالضرب جماعى يشترك فيه الضباط والجنود، وليست هذه لحظة غضب، فالضرب بعقل وعلى مهل وعلى مراحل، وكلما بدا أنهم سيصعدون بالرجل المسكين إلى المصفحة، عادوا به كأنهم يقولون له بعينك وسوف نتسلى عليك، وعلى أهلك، ووزارة الداخلية تأمر بالتحقيق فى الحادث، أو بلغتها فى هذا الخطأ، وليس فى هذه الجريمة المنحطة، ولا تأمر بوقف الجنود والضابط أو الضباط وتحويلهم إلى محاكمة عاجلة وفورية وطردهم من الخدمة حتى تنتهى المحاكمة.
قبل ذلك بأربعة أيام اختفى الشاب محمد الجندى أحد أعضاء التحالف الشعبى، ثم عثر عليه بعد أيام مصابًا برصاصة حية فى الصدر والرقبة، ووضع فى اللحظات الأخيرة فى مستشفى الهلال فى غرفة الإنعاش ومات. وتفضلوا علينا بأنهم لم يخفوه أو يلقوا به فى الصحراء، مشهد الرجل حمادة صابر الذى هو فى الخمسين من العمر وتعريته والتمثيل به على الأرض لم نشهده إلا فى معسكر اعتقال أبوغريب فى العراق، الذى حين انكشفت الجريمة حوكم من قام بها وما زالت تطارد النظام الأمريكى وستظل تطارده.. وهنا يتفوق فى الجرم بأن ذلك أمام العالم وأمام زوجته!! قوى الأمريكان ذهبت للعراق كقوى استعمارية، والداخلية فى عهد مرسى تتفوق على الاستعمار.. كنت أتصور أن وزير الداخلية سيقدم استقالته وهشام قنديل سيقدم استقالته ومرسى سيتبعهم، لكنهم اتفقوا على أنه لا معنى ولا وجود للشعب المصرى، وهم أسياد هذا الشعب.
"أسياد الشعب" شعار قديم للداخلية فى عهد مبارك وشعارها الآن، مع فارق بسيط جدًا هو أن ما كانت تفعله الداخلية كانت تحرص على سريته حتى لا ينكشف، أما الآن فعلى عينك ياتاجر.. يحدثونك عن الله وعن الدين وهم أكبر من كفر بنعمة الله التى هى الثورة.. مشهد سحل المواطن وتعريته رأيناه مرة من قوات الصاعقة، حين كان المجلس العسكرى السابق القائم على أمر البلاد، وكان مع فتاة وراحت الصورة تطوف بالعالم، وتجعل من المجلس العسكرى السابق أمثولة على القمع، ووقتها لام الإخوان المسلمين المرأة التى نزلت الميدان بعباءة بكباسين سهلة الفتح .
هذه المرة قامت الشرطة بفتح أزرار ملابس الرجل.. يعنى حتى لو لبستم بدلة الرجل العنكبوت سنمزقها ونعلمكم أننا أسيادكم.. هكذا أراد لنا الرئيس المسلم أن نعود أسوأ مما كنا، ولن يصل التحقيق إلى شىء، لأن وزيرنا يباركنا ورئيس وزرائنا يقول لنا أن نستخدم العنف والرصاص، حتى لو قال بعد ذلك إن هذا لم يحدث، فما يقوله بعد ذلك هو للصحافة والإعلام، أما ماقاله فنحن نعرفه ونحبه ونريده لنكون أسيادكم كما كنا.. نحن الذين دائمًا آلات صماء فى أى نظام انتقلنا من تعذيب الإخوان المسلمين وكل من يعادى النظام إلى تعذيب شباب ورجال ونساء الثورة، لأننا باختصار مع من يعطينا الفرصة لنكون أسياد الشعب حتى لو كان شيطانًا رجيمًا.. هذا عملنا التاريخى.. ثم إن الداخلية تعطينا ما نشاء من مكافآت وزيادة وتشترى لنا الأسلحة والدروع والقنابل المحرمة، وتقترض الدولة لتدفعوا أنتم العبيد ثمن الاقتراض، وسنجد دائمًا من يقول إن هذا فعل فردى وليس نسقًا ولا نظامًا فى التعامل مع الشعب، جموع الشعب ليسوا بشرًا .. نحن البشر.
بل نحن رسل العناية الإلهية لأن رئيسنا هو ظل الله على الأرض، وهو الذى سيأخذ بأيدينا إلى الجنة على جثثكم.
أعرف أنه لافائدة.. لقد دخل مرسى بالبلاد إلى أسوأ منعطف فى تاريخها، ولا أجد إلا الله أقول له: يا إله الكون كيف تصمت على هؤلاء جميعًا، الذين ينكلون بأجمل ما خلقت.. الإنسان الذى تزهو بخلقه.