برنامج للرئيس.. أم رئيس للبرنامج ؟!
الحديث عن برامج الرؤساء هو حديث ذو شئون وشجون، وهو أشبه بلعبة الثلاث ورقات التي يحترفها البعض في الموالد والأعياد لإيهام الناس بكسب المال.. والحقيقة هي لعبة للابتزاز المالي.."فين الصورة.. فين العروسة.. فكر واختار وارمي بياضك..(معلهش ) جرب تاني.. وخيرها في غيرها"!!
في كل الأحوال توجد بين الثلاث ورقات صورة أو عروسة.. لكن من الصعب أن تضع يدك عليها من أول مرة، ومن الصعب أن تكسب من ورائها من المرة الأولي إلا عندما يقرر صاحب اللعبة (جر رجلك) ليتمكن منك لأطول مدة ممكنة من اللعب والخسارة المالية، لكن في السياسة والرئاسة والحكم يكون الثمن دائما باهظا ومكلفا !
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية تدور أسطوانات تشنف آذاننا ببعض كلمات أصحاب الياقات البيضاء الذين يطلقون على أنفسهم نخبة المثقفين، وتغشي عيوننا صور هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم مصطلح ناشط سياسي وناشط ثوري وناشط حقوقي وناشط فضائي، وأمين اتحاد عموم الزير، ومنسق حركات السيرك السياسي، وأكروبات المشي على السلك من غير زانة التوازن، وأمين عام ائتلاف ثورة يناير ومنسق عام ثورة 30 يونيو، وراعي حملة دعم المرشح فلان الفلاني ومنسق حملة المرشح علان العلاني، والمتحدث الرسمي باسم التيار الهوائي والتيار المائي البارد والساخن حسب الأحوال الجوية والعواصف الكلامية والتسريبات الأرضية، ومؤسس حركة كفاية وحركة ( شايفينكوا )، وحركة ( وخدين بالنا منكوا )، وحركة ( هنطلع عينيكوا )، وحركة ضد التعذيب وضد غلاء الأسعار، ومنسق ائتلاف ( ونجيب مصر الأرض )، و.. و.. وهلم جرا حتى يصيح الديك ويعلن حلول فجر جديد على كل النشطاء سعيد !!
كل هؤلاء يقولون البرنامج..البرنامج –لا أقصد بالقطع البرنامج لباسم يوسف، فهذا شأن آخر– برنامج الرئيس أولا حتى نطلع عليه ونقرأ ما جاء فيه لنقرر "من ننتخب من المرشحين"، وكأن برنامج الرئيس هو من سيخرجنا من دائرة النار إلى دائرة الماء العذب الزلال لنشرب منه ونرتوي حتى الثمالة.. ونحن مازلنا على عهد قريب من برنامج أطلقه مرسي وجماعته الإرهابية أسماه (النهضة إرادة شعب)، فشربه الشعب برعاية هؤلاء الذين لا يملون ولا يكلون من الحديث عن برنامج يقدمه المرشح لمنصب الرئاسة حتى يحوز ثقة الشعب به، وبعد الفوز اكتشفنا أننا اشترينا ميدان العتبة والترام والمطافئ وليس أمامنا إلا أن ندعو الله أن يكثر من الحرائق حتى نجني مكاسب هذه الصفقة !!
هل نحتاج إلى برنامج منمق الكلمات رصين العبارات لا تخلو جملة فيه من وعود براقة وآمال عريضة كتبه مجموعة من المختصين في النفاق والكذب والمنتفعين وحملة المباخر وكومبارس حفلات الزار يقدمه المرشح الرئاسي، وهو لا يملك القدرة على تطبيقه ؟! هل نحتاج برنامجا يهلل له المتحولون وأصحاب المبادئ والأخلاق الزئبقية، وهم يعلمون علم اليقين أن غالبية الشعب المصري لا تقرأ برامج رئاسية أو حزبية ولا يعنيهم في البرامج غير ما يرونه من فعل على أرض الواقع يحقق لهم بعض ضرورات الحياة الآدمية !!
هل نحتاج بالفعل برنامجا للرئيس أم رئيسا لبرنامج وضعه الشعب من معاناته وصبره الطويل على لحظة التغيير الحقيقي والتي تجلت في 30 يونيو.. أعتقد أننا نحتاج رئيسا لبرنامج وطني يسعي لتحرير إرادة مصر من التبعية وأن يحافظ على مقدرات الدولة وحدودها، ويعيد إليها دورها المفقود.. عندها ستتحقق أهداف الثورة من غير "فذلكة" وكثرة كلام.
Elazizi10@gmail.com