رئيس التحرير
عصام كامل

"الأمم المتحدة" تفضح انتهاكات حقوق الإنسان بكوريا الشمالية..الإجهاض القسري أبشع وسائل "النقاء العرقي"..التعذيب والتجويع في معسكرات الاعتقال..غسيل المخ يبدأ من الحضانة وبمجرد تعلم الطفل الكلام

فيتو

تقرير الأمم المتحدة عن انتهاكات حقوق الإنسان بكوريا الشمالية..الإجهاض القسري باستخدام أبشع الوسائل لضمان "النقاء العرقي"..الاعتقال السياسي للمعتقلين السياسيين وأولادهم وعائلاتهم مدى الحياة..التعذيب والتجويع في معسكرات الاعتقال.. غسيل المخ يبدأ من الحضانة وبمجرد تعلم الطفل الكلام..التليفزيون مراقب من قبل الدولة..


كتبت - شيماء مفتاح

قدمت الأمم المتحدة تقريرا في 372 صفحة عن انتهاكات حقوق الإنسان في كوريا الشمالية ووصف التقرير جرائم النظام الحاكم في كوريا الشمالية بأنها "جرائم لا مثيل لها" خاصة في مجال "التطهير العرقي"

وعرضت صحيفة "الجارديان" البريطانية الشهيرة لتقرير الأمم المتحدة بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان بدولة كوريا الشمالية ونشرت بعض فصوله وما تم رصده في هذا التقرير والذي وصفته بالصادم والمروع.

ذكر التقرير في أحد فصوله والخاص "بالنقاء العرقي" حيث تقوم السلطات الكورية بالإجهاض القسري للسيدات الحوامل من رجال صينيين وتم رصد شهادة مروعة لامرأة شابة تدعى "جى هيون" والتي تم إيداعها إحدى المعتقلات السياسية بعد ترحيلها من الصين بعد أن هربت إليها.

وشرحت "جي" في شهادتها أمام اللجنة الخاصة بالأمم المتحدة والقائمة على جمع الأدلة على انتهاكات حقوق الإنسان والتي بدأت عملها في جمع الأدلة والتحقيقات بمدينة سيول عاصمة كوريا الجنوبية في أغسطس الماضي أن الحرس بالمعسكر كان لديهم تعليمات صارمة بخصوص ضرورة إجهاض السيدات الكوريات والحوامل من رجال صينيين خاصة حفاظا على "نقاء العرق الكوري".

ولكن طبقا لشهادتها تمكنت إحدى المعتقلات من إتمام حملها، وولدت بالفعل وقالت في شهادتها "كان الطفل يبكي وكان يتملكنا الفضول تجاه هذا الطفل فهي المرة الأولى التي نشاهد فيها طفلا يولد وكنا سعداء بذلك، ولكن سمعنا وقع خطوات الحراس يتقدمون نحو الغرفة التي كنا بها وأصدروا أوامرهم للأم بإغراق وليدها".

وأكملت "جي" "توسلت لهم الأم ألا يفعلوا ذلك، وقالت "أن الأطباء أخبروني من قبل  بعدم تمكني من الإنجاب أبدا ولكن شاء لي القدر أن أحمل وأنجب هذا الطفل، رجاء سامحوني ودعوني أحتفظ به " ولكن الحرس لم يكترث لبكائها وتوسلاتها بل قاموا بضربها، فيما لم يسكت الطفل عن البكاء منذ لحظة ولادته، فقامت الأم بحمل طفلها بين يديها المرتعشة وقامت بإغراقه في إناء قريب منها فسكت عن البكاء وتوقف عن التنفس فالتقطته السيدة العجوز التي قامت بتوليدها من الوعاء وغادرت الغرفة في هدوء ومعها جثة الطفل".

كما تناول التقرير فصلا كاملا للأدلة والتي يمكن وصفها بالأدلة المفزعة والصادمة وذكر التقرير تجارب الهاربين من كوريا الشمالية إلى الصين حيث يتم القبض عليهم وإرجاعهم مرة أخرى لكوريا وبمساعدة ومعرفة السلطات الصينية في أغلب الأوقات وذكر هذا الفصل من التقرير أن الإجهاض القسري يتم في مراحل متأخرة من الحمل وبدون مخدر، وباستخدام أدوات طبية "صدئة"في بعض الأحيان، كذلك يستخدمون مواد كميائية"لتحفيز" الرحم على سرعة الانقباضات، وتظل المرأة الحامل تحت ظروف معيشية سيئة مثل التجويع والتعذيب.

من إحدى الشهادات التي تم توثيقها أيضا في هذا التقرير والخاصة بانتهاكات بشعة في حقوق الأطفال أيضا ما أدلى به "شين دونغ هيوك" أشهر الهاربين من "معسكر14" بكوريا الشمالية إلى كوريا الجنوبية،و هو الشخص المعروف الوحيد الذي نجا من معسكرات الاعتقال سيئة السمعة في بيونغ يانغ عندما كان يبلغ من العمر وقتها 24 عاما.

"شين" الذي ولد سنة1981 داخل "معسكر 14" للسجناء السياسيين شديد الحراسة حيث كان والداه معتقلين في هذا المعسكر، ونشأ أيضا في هذا المعتقل ووصف طفولته بالبائسة، وروى إحدى الحوادث التي كان شاهد عيان عليها وهى قصة طفلة تبلغ الـ7 من العمر تعرضت للضرب حتى الموت بعد أن أمسك بها الحراس في هذا المعسكر وهى تضع بعض الحبوب الغذائية "الفاسدة" في إحدى جيوب ملابسها لتأكلها وذكر أنهم كانوا يضطرون لأكل الفئران من شدة الجوع.

حكى"شين" أيضا كيف حكم عليه أحد الحراس بقطع إحدى أصابعه عقابا له على إيقاعه إحدى الآلات صدفة خلال عمله الإجبارى بأحد مصانع المعتقل "أمر أحد الحراس مدير الوردية بالمصنع أن يقطع أصبعي عقابا لي فركعت وتوسلت إليه باكيا ألا يفعل، ولكن فكرت للحظة أنه مجرد أصبع كان من الممكن أن تكون اليد بأكملها فرضيت بالحكم وكنت ممتنا للحارس على رأفته بي وحكمه المتهاون بقطع مجرد أصبع مقابل الجرم الكبير الذي قمت به "

كما ذكر التقرير العديد من الشهادات المتعلقة بفترة المجاعة التي تعرضت لها كوريا الشمالية عام 1990 نتيجة للكوارث البيئية المتكررة التي تعرضت لها والتي تفاقمت بسبب تعامل الحكومة الكورية مع مواطنيها وتصنيفهم على أساس الأهمية وتوزيع المساعدات الغذائية على المواطنين ذوي القيمة والأهمية من وجهة نظرها دون باقي المواطنين.

في إحدى جلسات الاستماع والخاصة بالتحقيق في هذا التقرير وإعداده استمعت المحكمة في  واشنطن إلى شهادة سيدة تدعى"جو جين هاي" والتي وصفت كيف كانت تحمل بين ذراعيها شقيقها الرضيع والذي يعاني من الجفاف وسوء التغذية الحاد لعدم وجود لبن"بثدي" أمه لإرضاعه لأنها تعاني أيضا من سوء التغذية وقالت" : لقد مات أخي بين ذراعي جوعا، ولأني كنت أحمله دائما تخيل أنني أمه وكان ينظر إلى ويبتسم عندما كنت أطعمه الماء بدلا من الطعام".

كما استمعت اللجنة المعدة للتقرير إلى شهادة ناج آخر من المجاعة وهو " كيم هيوك" والذي أصبح من أطفال الشوارع بعد وفاة أمه وهو في سن السابعة وتم إيداعه بإحدى دور الأيتام لكنه هرب بعد فترة وجيزة عندما مات 24 طفلا جوعا من أصل 75 طفلا، وشهدت إحدى الممرضات أنها رأت بأم عينها العديد من أطفال الشوارع يموتون سحقا وضربا بعد محاولاتهم النوم في مخازن الفحم هربا من البرد القارس في الشوارع.

تزامنا مع هذه الشهادات المرعبة استمعت اللجنة كذلك إلى كيف أنفقت الحكومة الكوريا الشمالية نحو 500 مليون جنيه إسترليني على إنشاء النصب التذكاري لمؤسس الدولة "كيم إيل سونغ" عندما توفي في 1994، وأشار التقرير أيضا إلى أنه بالرغم من انتشار ظاهرة التقزم وسوء التغذية الحاد بين الأطفال إلا أن الدولة أنفقت عام 2012 وحده مبلغ 400 مليون جنيه إسترليني على سلع فاخرة وتكميلية لكبار مسئولي الدولة الرسميين.

وفيما يختص بالقسم الخاص بسيطرة الدولة على الدعاية والإعلان في كوريا الشمالية وكيف أن الدولة تسيطر على أفكار الشعب ويظهر ذلك جليا في المدارس حيث يؤمر الأطفال بألا يرسموا إلا صور "كيم إيل سونغ" فقط لأنه قد يسعده أن يراهم يرسمونه.

كما ذكر التقرير أن الصورة الخاصة بالدكتاتور الراحل "كيم إيل سونغ" وابنه الراحل "كيم جونغ إيل" يجب أن تكون في كل بيت من بيوت المواطنين وذكر أحد الشهود أن والده تم إيداعه أحد المعتقلات السياسية لأنه وبالخطأ أوقع الشراب في إحدى المقاهي على جورنال به صورة الزعيم "كيم إيل سونغ" الراحل بالرغم من أنه قام بمسح الشراب سريعا عن الصورة.

وتقوم الحكومة الكورية بالسيطرة التامة على كافة المعلومات وتدفقها ومنعها من الوصول إلى الشعب الكوري فيتم تسجيل جميع أجهزة التلفاز عند الدولة بحيث تضمن فقط وصول أصحابها إلى القنوات المعتمدة فقط والمسموح لهم بمشاهدتها من قبل الحكومة، ووصف أحد شهود العيان للجنة في تقريرها الحياة في كوريا ": أننا نتعرض لغسيل المخ منذ كنا في الرابعة من عمرنا ومع ظهور قدرتنا على النطق، لا أحد منا يعرف كيف هي الحياة بالعالم من حولنا، فمنذ الحضانة ونحن نتعرض لغسيل المخ من خلال التعليم وف] كل مكان سواء في الحياة أو المجتمع وحتى داخل منازلنا".



الجريدة الرسمية