رئيس التحرير
عصام كامل

صورة دهب


كانت ليلة الجمعة الماضية طويلة بالنسبة لى، من عادتى السهر طول حياتى في غرفة مكتبى أقرأ أو أكتب أو أستمع إلى الموسيقى.. تلك الليلة كنت أود المرور العابر على الإنترنت، إلا أنى فوجئت بصورة غير إنسانية شيرها شباب لا علاقة لهم بالإخوان، فقليل جدا جدا من الإخوان هم من يتسللون إلى صفحتى، ولا أحب أن أتابع صفحاتهم لمعرفتى بأكاذيبهم وافتراءاتهم، هذه الصورة للفتاة "دهب حمدى عبد العال" التي تبلغ الثامنة عشرة من العمر فوق سريرها في المستشفى، وعلى صدرها طفلتها الوليدة تحيطها بيد ويدها الأخرى مقيدة إلى الجانب بكلبش، باعتبارها موقوفة من قبل النيابة في قضية تظاهر.


طبعا الآن صار الموضوع عاما ومنتشرا ووصل إلى الصحافة العالمية ومنظمات حقوق الإنسان في العالم والدنيا كلها، أعرف أن هذه الفترة الانتقالية تتحمل فيها جماعة الإخوان المسئولية الأولى عن الدم والفوضى لأنها منذ البداية رفضت خروج الشعب في 30 يونيو الماضى واعتبرته فوتوشوب، ورفعت شعارا كاذبا هو "الشرعية" كان الخروج الكبير ضدها لم يكن من أجل الشرعية الحقيقية، وكأن الشرعية تجعل الحكام لا يستجيبون لمن سبق وأعطاهم إياها في صناديق الانتخاب.

كثير من المقالات كتبتها هنا وغير هنا ضد محمد مرسي وشرعيته وضد الإرهاب القذر الذى لا يمكن أن أقتنع أنه لم يخرج من عباءة جماعة الإخوان المسلمين، وأعرف تماما أنه في ظل مواجهة هذا الإرهاب المنحط قد تحدث تجاوزات في معاملة المجرمين، وقد يتم القبض على غير المجرمين أو حتى غير المتظاهرين، وقد أقتنع بأن هذه فترة تحول قد تعرف ذلك، لكن هذا كله في النهاية لا بد أن يصل إلى النهاية الصحيحة وهى التمييز، وما أسهله بين المجرمين وغير المجرمين أمام التحقيق في النيابة، وحتى لو لم يتسع وقت النيابة أمام الأعداد الهائلة من المقبوض عليهم وكان الحبس والاستمرار طريقا سريعا حتى يتم الفرز، فذلك كله يمكن احتماله بعض الوقت، لكن بدون التعذيب وسوء المعاملة.

الفتاة "دهب" قبض عليها مع غيرها، فأخذت أمام النيابة قرارا بالحبس تكرر حتى ولدت بقيصرية في المستشفى وستعود بعد يومين أو ثلاثة من الولادة لمتابعة توقيفها في قسم الأميرية حتى تعرض في موعدها الجديد على النيابة، وكم أتمنى أن يكون صدر قرار بالإفراج عنها، ورغم ذلك فالصورة يا سادة جعلت وتجعل وستجعل أي شخص في أي مكان في الدنيا يتساءل كيف لفتاة في الثامنة عشرة وحامل في شهرها الثامن أن تشارك في مظاهرة غير سلمية وربما سلمية؟ وكيف لفتاة حامل في شهرها الثامن أن ترتكب أي عمل إجرامى في الطريق العام؟ ثم هل يعنى إذا مشى شخص في مظاهرة انتماءه لتنظيم الإخوان الإرهابى؟ هل أسماء أعضاء التنظيم عند أولى الأمر واسمها بينهم؟ وهل كل من يحتج على النظام الحاكم سيعتبر إخوانيا ومن ثم إرهابي؟ وبعيدا عن ذلك كله مما يكون فيه المحامون أفضل منى هل تطبيق القانون يلغى روح القانون، وهل من روح القانون حبس فتاة صغيرة على وشك الولادة وكلبشتها في سريرها بعد الولادة، لن أستفيض في التعليقات التي بررت ذلك بأنه خشية هروبها، بينما جلوس شرطى أمام بابها وهو بالطبع موجود ينهى ذلك الهروب إذا كان واردا.

هذه الصورة للأسف سيكون تأثيرها في العالم أكثر من أي تأثير لتصفية المظاهرات، أقوى من تأثير ما جرى في ميدان رابعة، وسترون.
ibrahimabdelmeguid@hotmail.com
الجريدة الرسمية