ترشح حمدين
أخيرًا أعلن حمدين صباحى خوضه انتخابات الرئاسة، وهذا في حد ذاته شيء جيد سوف ينعكس إيجابًا على التجربة الديمقراطية في مصر.. وقد صدرت عقب هذا الإعلان تعليقات، بعضها إيجابى وبعضها الآخر سلبى، كما أثيرت اتهامات، أحسب أن حمدين ومؤيديه ومحبيه كانوا يتوقعونها، ومن ثم مطلوب منهم ألا يلقوا لها بالا.
من المؤكد أن دخول حمدين على الخط سوف يؤدى إلى سخونة المعركة الانتخابية، فضلا عن أنها سوف تستقطب اهتمام ومشاركة قطاعات عريضة من المصريين، سواء كانت موالية لحمدين أو كانت تؤثر الابتعاد نظرًا لأن المعركة محسومة سلفا.. قد يقال إن نزول حمدين سوف يخصم من جماهير السيسى، وهذا وارد، لكن أتصور أن سخونة المعركة سوف تصب في صالح الأخير، بل سوف تكون من الركائز المعضدة والداعمة لمواقفه بعد فوزه، بغض النظر عن النسبة أو الأصوات التي سوف يحصل عليها..
صحيح أن المشير السيسى رجل دولة، كما أنه يقف على رأس مؤسسة كبيرة، وكان له دوره الفذ في ثورة ٣٠ يونيو، لكن خوض حمدين الانتخابات سوف يفرض على الرجل أن يعرض برنامجه تفصيلا وأن تكون له لقاءات جماهيرية، مباشرة أو غير مباشرة عبر القنوات الفضائية، وسوف يتيح ذلك للجماهير عقد مقارنات بين البرنامجين، لكن لابد أن يكون واضحًا أن المؤسسة العسكرية بكل ما لها من تقدير ومكانة واحترام يجب أن تقف خارج هذه المقارنات، فهى ملك لشعب مصر ويجب أن تكون بمنأى عن أي منافسة سياسية، حتى إن حاول البعض أن يزج بها ولو بحسن نية..
من الطبيعى أن تتحمس جماهير كل مرشح له، وأن تعلن عن ذلك بشتى الوسائل والآليات والأدوات، طالما تم ذلك بطريقة قانونية، سوف تحدث تجاوزات وخروقات، لكن من المهم للغاية -ولسلامة العملية الديمقراطية - أن تلتزم كل أجهزة الدولة بالحياد.
من المهم أيضا توفير جو من الأمن والأمان، سواء أثناء الحملات الانتخابية أو خلال عملية التصويت، وهذا يلقى بأعباء ضخمة على القوات المسلحة والشرطة، يجب أن نقر ونعترف بأن المناخ العام رديء، ويعانى من تدهور وتدنٍ في المنظومة القيمية والأخلاقية والإنسانية، وهو ما يظهر في ممارسات ومواقف فجة وانفلاتية.. أتصور أن المعركة الانتخابية لن تكون بعيدة عن هذه الممارسات، وبالتالى على العقلاء من الجانبين -بل من كل جانب- دور كبير في ترشيد وتصويب وضبط إيقاع الحركة خلال تلك الفترة..