الذين حاربوا منذ أربعين عاماً والذين لم يحاربوا يوماً ما
شكلت الغارة الإسرائيلية الأخيرة على سوريا اختباراً حقيقياً للمتصارعين على حلبة السياسة العربية، حيث وقف المستعربون موقف الشماتة من هذه الغارة، التى أملوا من خلالها تقصير عمر هذا النظام وتقريب انتصار ثورتهم وإيصال نماذجهم الشائهة للسلطة وصولاً لتوقيع اتفاقات الاستسلام المعدة والجاهزة، ليصبح العرب جميعاً أسرى للاستكبار الأمريكى الصهيوني.
لطالما كرر أعداء النظام السورى اتهامهم له بالتخاذل وأنه (لم يطلق طلقة واحدة على إسرائيل ولم يحاول تحرير الجولان منذ أربعين عاماً).
تهمة لو صحت فإنها تطالهم، فماذا عن الذين لم يطلقوا طلقة واحدة على إسرائيل منذ وجودها ولم يزودوا المقاومة الفلسطينية أو اللبنانية بقطعة سلاح واحدة، خاصة أن منهم من حرض على ضرب مصر وتدميرها فى حرب 1967؟!، ترى هل يحق لمثل هؤلاء أن يتبجحوا بهذا المنطق التافه الحقير؟!
ترى هل يرغب هؤلاء حقاً فى الوقوف ضد إسرائيل، بينما يرفض الأسد ونظامه محاربتها، وهل قاموا بمنحه المال والسلاح للقيام بهذه المهمة، لكنه رفض وأصر على القيام بحراسة حدوده معها، لذا توجهت أموالهم لتسليح إرهابيى القاعدة، الذين وجدوا أنفسهم (مضطرين) لشن حروبهم ضد المسلمين فى كل العالم، ريثما يعثرون على ثغرة على الحدود مع هذا الكيان ليحرروا القدس!
وإذا كان النظام السورى عميلاً لإسرائيل، وحارساً لحدودها كما يزعم هؤلاء المرضى، فلماذا لم يقبل بتوقيع معاهدة سلام مع هذا الكيان، تتضمن شروطاً مجحفة ومذلة على طريقة كامب ديفيد، التى مهدت الطريق أمام الصهاينة لفرض إرادتهم على كامل المنطقة؟!
لا معنى إذن لتبجح العرب الذين أطلقوا الرصاص منذ أربعين عاماً، ثم دخلوا فى قفص الذل والاستزلام، وجلسوا ينتظرون المعونة الأمريكية لجيوشهم، أو أولئك الذين وقعوا منذ سبعين عاماً على وثائق إقامة هذا الكيان، وكانوا سلماً لمن سالم إسرائيل وحرباً لمن حاربها، بهذا المنطق الخبيث والمنحط، الذى قد يدين النظام السورى بالتخاذل، لكنه لا يبرؤهم بحال من الأحوال.
أن يكون النظام السورى خائناً للقضية الفلسطينية، فقد خانها بعض أبنائها الأصلاء، فضلاً عن هؤلاء الخونة المتعاونين والمتماهين مع الخطط الأمريكية الإسرائيلية فى العالم بأسره، ويصبح المنطق ساعتها (كلنا خونة)، فلماذا لا يلحق النظام السورى بركب الخيانة، ولماذا يصر على ادعاء الشرف!
حفنة من الخونة الكذابين المتحالفين حتى الثمالة مع الأمريكان والصهاينة، لكنهم لا يجدون حرجاً فى إلقاء العظات والخطب التى تحض على الفضيلة والشرف و(الجهاد فى سبيل الله)!