رئيس التحرير
عصام كامل

نجاد فى القاهرة..اختراق استراتيجى؟


لا نعتقد أن حضور القمة الإسلامية التى تلتئم صباح اليوم فى القاهرة يحتل مكانة بارزة على سلم أولويات الرئيس الإيرانى محمد أحمدى نجاد، وإنما كيفية تطوير علاقات بلاده مع الدولة العربية المضيفة، والانتقال بها من حال الجمود الراهنة إلى مرحلة جديدة من التعاون، خاصة أن نظام الرئيس حسنى مبارك الذى أشهر سيف العداء لإيران أصبح من الماضي، وتقبع رموزه خلف القضبان.


السيد نجاد الذى كان أول رئيس إيرانى يحطّ الرّحال على أرض عاصمة الكنانة منذ ثلاثين عاماً، كان من أوائل الواصلين، وعقد جلسة مباحثات فورية فى قاعة الاستقبال فى المطار مع نظيره المصرى الدكتور محمد مرسي، وبعدها انتقل إلى جامع الحسين للصلاة والتقاء شيخ الأزهر أحمد الطيب.

الرئيسان المصرى والايرانى يحتاجان لبعضهما البعض، فالأول يريد إيصال رسالة قوية إلى معظم دول الخليج بأنه قد يلجأ إلى التحالف مع إيران، فى حال استمرت التدخلات المالية والسياسية لدعم المعارضة ورموز النظام السابق لإسقاط نظام حكمه ذى النزعة الإسلامية. والثانى أى السيد نجاد يريد أن يوجّه رسالة إلى الغرب والولايات المتحدة بالذات، بأن إيران تكسر العزلة المفروضة عليها أمريكيًا، وأنها ما زالت لاعبًا إقليمياً قوياً، وما عزز هذه الرسالة اللقاء المفاجئ فى ميونيخ بين وزير خارجيتها على أكبر صالحى والشيخ معاذ الخطيب زعيم الائتلاف السورى المعارض.

معظم الدول الخليجية لا تكنّ وداً للثورة المصرية، والتجربة الديمقراطية التى تمخضت عنها، وجاءت برئيس إخواني، ومن هذه الثغرة يريد السيد نجاد أن "يتسلل" إلى عقل وقلب الدولة العربية الأكبر، ولهذا حرص على القول فى مؤتمره الصحافى الذى عقده بعد لقائه مع شيخ الأزهر "جئت من إيران لكى أقول إن مصر والشعب المصرى مكانتهما فى قلب الشعب الإيرانى كبيرة". وأضاف "نحن نعتبر اقتدار وازدهار مصر هو اقتدار ونمو للشعب الإيرانى أيضاً"، مؤكداً أنه وجّه الدعوة لعلماء الأزهر لزيارة بلدهم الثانى إيران، وتفضلوا بقبول هذه الدعوة.

الرئيس نجاد خطف الأضواء من كل الزعماء المشاركين فى القمة، وأصبح حضوره هو الحدث الأهم، تمامًا مثلما حدث فى قمة مكة الإسلامية التى انعقدت فى شهر رمضان الماضى بدعوة من العاهل السعودى الملك عبدالله بن عبدالعزيز.

ويصعب علينا أن نفهم حساسية بعض دول الخليج من زيارة السيد نجاد للقاهرة، وتقاربه مع مصر، بل وإعادة فتح السفارتين المصرية والإيرانية فى عاصمتى البلدين. فالعاهل السعودى استقبل الرئيس الإيرانى بحفاوة كبيرة أثناء قمة مكة، وأوقفه على يمينه وهو يستقبل الزعماء المشاركين، بينما لم يلق الحفاوة نفسها الرئيس التركى عبدالله غول، أو الرئيس المصرى محمد مرسى اللذين كانا فى الصفوف الخلفية.

مصر لا تشهد حالة الاستقطاب الطائفى المتفاقمة حالياً فى منطقة الخليج، كما أن حالة العداء بين السنة والشيعة الناتجة عنها ليست مستفحلة فى أوساط الشعب المصري، الأمر الذى قد يجعل مهمة الرئيس نجاد فى استعادة العلاقات، جزئياً أو كليًا، مهمة أقل صعوبة مما يتوقعه الكثيرون، وفى الخليج خاصة.

الرئيس المصرى مرسى يستطيع، إذا ما قـــــرر إعادة العــــلاقات الدبلوماسية مع دول الخلــــيج، أن يحاجـــــج بأنها، أى دول الخليج، تملك أضخم سفارات فى العاصمة الإيرانــــية طهـــران، وأن جميع شركات طيرانها تحطّ فى مطارها، فلماذا لا تكون هناك سفارة مصرية، ولماذا لا يكون هناك خط طيران بين القاهرة وطهران؟

نقلاً عن جريدة القدس العربى

الجريدة الرسمية