رئيس التحرير
عصام كامل

جول لــ"الأناضول" التركية: مصر شريك استراتيجى فى الشرق الأوسط .. التحول الديمقراطى يحتاج إلى تضحية الحكومة والمعارضة.. مستعدون لمساعدة القاهرة بكل إمكانياتنا

الرئيس التركى عبد
الرئيس التركى عبد الله جول

أكد الرئيس التركى، عبد الله جول، أن مصر تلعب دورا رياديا فى العالم العربى مشيراً إلى أن العلاقات بين البلدين موغلة فى القدم وان أنقرة ستستمر فى تقديم الدعم الكامل للقاهرة.


وأشار خلال حواره مع وكالة أنباء الأناضول التركية، عشية ذهابه إلى مصر للمشاركة فى قمة المؤتمر الإسلامى بالقاهرة إلى أن هذه العلاقات اكتسبت بعدا جديدا بعد ثورة 25 يناير، وأنه كان حريصا على زيارة القاهرة بعد شهر ونصف الشهر من اندلاع الثورة حتى يصبح أول رئيس يزور البلاد.

كيف تقيمون العلاقات المصرية التركية؟
فى الحقيقة نرتبط بمصر بعلاقات تاريخية وثقافية موغلة فى القدم، ونحن نرى فى هذا البلد شريكا استراتيجيا فهو له ثقله ووزنه فى منطقتى الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط، وقد اكتسبت العلاقات بين البلدين بعدا جديدا وهاما بعد انتفاضة الشعب المصرى وثورته قبل عامين، من أجل الحصول على الحرية والكرامة والديمقراطية، وعلينا حاليا أن ننمى هذه العلاقات ونطورها من خلال تسخير كل إمكانياتنا فى الفترة الراهنة التى تبشر بنوع من الأمل المتنامى يوما بعد يوم، حتى يتسنى لنا الوصول بتلك العلاقات إلى أفضل مستوياتها ففى هذا الإطار كنت حريصا على زيارة مصر بعد شهر ونصف الشهر فقط من اندلاع الثورة حتى أصبح أول رئيس فى العالم يزور مصر بعد الثورة.

وما هى سبل الدعم التركى لمصر؟
 تركيا تقف بكل ما تملكه من إمكانيات سياسية واقتصادية وتقنية بجانب مصر وهى تجتاز هذه المرحلة الحساسة والعصيبة التى تمر بها، وأن أنقرة على أهبة الاستعداد لتلبية أى مطلب مصرى فى هذه المجالات، ولعل تخصيصنا 2 مليار دولار أمريكى بهدف استخدامها فى تمويل العديد من مشروعات البنية الأساسية فى مصر، حُوّل منها مليار دولار، والمليار الآخر سيستخدم كقروض للصادرات يوضح بشكل جلى موقفنا الثابت فى هذا الخصوص وستظل تركيا إلى جانب مصر دوما بغض النظر عن التطورات السياسية الحاصلة فيها، وهذا الدعم من أجل المساهمة فى الجهود المصرية الهادفة لترسيخ الوحدة الوطنية والديمقراطية والتقدم، وإننا فى غاية الارتياح والسعادة لوصول حجم التعاون التجارى بين البلدين إلى 5 مليارات دولار أمريكى فى عام 2012، لكن هذا المستوى لا يرضى طموحنا بشكل كامل وذلك لأننا نود رفع حجم التبادل التجارى الى 10 مليارات دولار أمريكى فى أقرب وقت ممكن، وكما تعلمون فإن المستثمرين الأتراك لم يغادروا مصر فى أحلك الظروف التى مرت بها، وهذا ما يبشرنا بتنامى العلاقات بشكل مضطرد كما أننا نرحب بالمستثمرين المصريين للعمل فى تركيا وستكون أبوابنا مفتوحة لهم بكل ترحاب.

وكيف تقيمون الأحداث التى وقعت مؤخرا فى مصر والمطالب التى تقف وراء تلك الأحداث؟
 إننا نثمن الجهود المصرية المبذولة فى مرحلة التحول الديمقراطى ونقيمها بشكل إيجابى، فمجىء رئيس منتخب للبلاد لأول مرة، وإقرار الدستور عن طريق الاقتراع، وإجراء الانتخابات النيابية فى العام الماضى بشكل ديمقراطى كلها أمور جوهرية تؤكد أن البلاد تسير بخطى ثابتة فى مسار التحول الديمقراطى الذى يكون طويلا بعض الشىء ما يقتضى نوعا من الصبر والتضحية، ولعل التاريخ ملىء بالأمثلة الخاصة بتضحيات جسيمة بذلها كثيرون ليبقى المسار الديمقراطى فى أفضل حالاته، وعلى السلطة الحاكمة والمعارضة فى مصر أن يكونا على دراية بهذا الأمر، وأن تتضافر جهودهما لمواصلة المشوار فى ذلك المسار، والديمقراطية كما يعلم الجميع عبارة عن ثقافة توافق تتمثل فى تنظيم الأغلبية لمسار الحكم والإدارة، وتحافظ فى نفس الوقت على حقوق الأقلية وتصغى لهواجسها ومخاوفها، ومن هذا المنطلق فإنه يتعين على كل من الفئة الحاكمة والمعارضة فى أى مكان التمسك بالمفاهيم الديمقراطية، وأن تتحرك وفق مبادئ سيادة القانون، وهذا ما نأمل أن يتم فى مصر بشكل أفضل، وسترسخ مصر تجربتها الديمقراطية وسيصل شعبها وساسته إلى الطرق الديمقراطية المثلى.

ولكن كيف يمكن دعم التحول الديمقراطى؟
 لاشك أن النهضة الاقتصادية من مقومات الديمقراطية الراسخة، وقد سبق وقلت مرارا إن التحول التاريخى الديمقراطى فى مصر يجب أن تصاحبه نهضة اقتصادية متكاملة، ووجهت قبل ذلك نداءت إلى أصدقائى المصريين والمنظمات المالية الدولية والدول المتقدمة للمساهمة فى هذا التطور، وقامت تركيا بالمساهمة فى هذا الأمر بمليارى دولار، تحدثت عنهما آنفا، كما أن هناك نقطة مهمة يجب أن نركز عليها فى مجال الاستثمار المشترك وهى أن هناك أكثر من خمسين ألف مصرى يعملون فى المنشآت والمصانع التى أقامها المستثمرون الأتراك فى مصر.

وكيف ترون مستقبل العلاقات بين البلدين؟
 رسمنا مع الإدارة المصرية ملامح المرحلة القادمة سويا، وكان أول لقاء جمعنى بالرئيس المصرى محمد مرسى فى مكة المكرمة فى شهر أغسطس الماضى، وبعدها بشهر واحد قام مرسى بزيارة تركيا للمرة الأولى وتناولنا خلال تلك الزيارة العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية التى تهم الطرفين كما قمنا بتثبيت خططنا المستقبلية بكل وضوح. وأعتقد جازما أن رئاسة مصر للدورة الجديدة لمنظمة التعاون الإسلامى سيكون لها الأثر فى ترسيخ دورها الريادى فى المنطقة والعالم الإسلامى، وأرى أن اجتماع القمة تحت شعار: العالم الإسلامى، اختبارات جديدة وفرص متنامية سيكون له أهمية كبيرة.

وما تعليقكم على القمة الإسلامية بالقاهرة؟
 تركيا على قناعة تامة بأن منظمة التعاون الإسلامى لها الدور الريادى والمركزى للقضاء على المفاهيم الخاطئة عالميا ومحليا، ونشر رسالة المودة والإخاء، التى يبشر بها الإسلام بشكل مؤثر وفعال، وعليها تنمية دورها الهادف بشكل مستمر ومنظمة التعاون الإسلامى التى ستضطلع مصر برئاستها فى القاهرة، مطالبة بتعريف مهامها المستقبلية وسيكون لها دور كبير فى تخطيط الاستراتيجيات الدولية المثلى بمبادرات واضحة، كما أن تركيا مرشحة لاستضافة القمة الثالثة عشر للمنظمة، ونتوقع الموافقة على هذا الترشيح فى قمة القاهرة.

الجريدة الرسمية