رئيس التحرير
عصام كامل

الحلّوف (1)


تعرف الحلّوف ؟ لا أسألك عن الأصل "الحيواني" للكلمة .. اسمع هذه القصة .. فى جمهورية "هبلستان" القابعة فى مكان بعيد لانعرف موقعه على خريطة العالم بالظبط أصبح الحلوف ظاهرة سياسية لامعة أثارت الجدل كثيراً بين جحافل الجماهير المتعطشة لسياسى شعبوى يعيد أمجاد الأمة ويكشف عن البلاد الغمة .


قصة صعود الحلّوف فى حد ذاتها فيلم سينمائى ينافس أفلام علاء ولى الدين رحمه الله .. ولد الحلّوف لعائلة ميسورة الحال - عكس كل الأبطال فى منطق الدراما- .. نشأته فى أسرة تجمع بين التدين والثراء ساهمت فى تكوين شخصيته ، فوالده عالم الدين التقى الورع نجح فى تكوين ثروة ضخمة من تجارة العملة وتربية المواشى وبعض الأنشطة "الحلال" .. كان الحلوف أكبر إخوته ولكن كان له مساحة لايضاهيها أحد فى قلب والدته حتى أنها كانت "تحميه" بنفسها رغم بلوغه العاشرة من عمره .. مع مرور الزمن أصبح الحلّوف مطمعًا لكل التيارات الإسلامية فى الجامعة الكل ينظر لذلك الشاب البدين المتهدل صاحب الملامح الطفولية فارغ العقل والذهن على أنه مغنم لأى فرقة ينضم لها ويؤمن بمبادئها .. نفوذ والده وأمواله تكفى ليغدق وينفق على خمس خلايا بكوادرها ولكن الحلوف كان محتفظًا ببعض من ذكاء الوالد ونصائحة التى جعلته يثمر بالدنيا والدين .

ظل الحلوف متأرجحا بين التيارات والجماعات الدينية ، لم يحسب على ملة واحدة ، ولم يضبط فى مظاهرة للتنديد بممارسات النظام ضد رفاقة الملتحين ، اكتفى طويلًا بدور الممول عملًا بمبدأ لايحمل الله نفسًا إلا مابوسعها، فتربيته المخملية لم ولن تعينه على قسوة بلاط المعتقلات وحرارة صفعات المخبرين والأخشوشان أمام شهواتهم الشاذة .

أمن الحلوف طوال عمره بأن شهوات الدنيا الحلال لاتتعارض مع لحيته التى تكاد تبلغ سرته فاستحل من النساء ما حلله الله له .. تزوج بواحدة ومثنى وثلاث ورباع حتى أنه استخدم رخصة ربه لاستبدال الزيجات عبر بوابة أبغض الحلال ، فى قائمة زيجاته الطويلة بنات مشايخ وسيدات مجتمع وتلميذات فى مجالس العلم التى كان يلقيها .. كان مفتونًا –ومازال- بصغيرات السن حتى أن إحدى زوجاته السابقات وهى من عائلة لاتقل عن أهله ثراءً وعزًا وتصغره بعشرة أعوام وأكثر فضحته بين شيوخه وعشيرته ونزعت الغطاء عن أفعالة الشاذة التى يخفى بها عجزة على فراش الزوجية ، طلبت ورقة الطلاق ونالتها وفوقها شيك بربع مليون جنيه "ثمن كتمان الفضيحة" تحت مسمى مؤخّر الصداق .

عشق الحلوف الشهرة منذ الصغر ، فتن ببريق الوقوف على المنابر فى طفولته ومع الزمن أصبح مولعًا بكاميرات الفضائيات الدينية التى القت أضواء النجومية على رؤوس من هم أقل منه علمًا ومالًا .. سعى لهما متسلقا فوق شبكة علاقات والده الممتدة فى أوساط الدين والسياسة والإعلام وشرب منهما حتى الثمالة إلى أن فتنته السياسة، فتاة لعوب اسمها السلطة دفعته لخوض انتخابات البرلمان ، توقع له الجميع فوزًا ساحقًا بدعم الأهل والرفقاء والإخوة ولكن التزوير الفاضح حوّل نجاحه الكاسح إلى هزيمة أمام مرشح الحزب الحاكم ، انتظر دراويش الحلوف وإخوته ورفقاؤه نفضة وهبّة لأنصار الحق ولكنه خذلهم متواريًا خلف ستائر النسيان لسنوات.

الجريدة الرسمية