الشجر والبشر قبل النار والبارود
هل ارتبطت سيناء بالإرهاب؟ الجواب نعم.. بل إن واقع الحال يفرض علينا التسليم بأن هناك حالة تلازم بين سيناء والإرهاب.
طوال الوقت نتابع بترقُّب وتوجُّس نشاط ما يسمى جماعة «أنصار بيت المقدس».. ثم «أجناد مصر».. وأخيرًا تهديد من تنظيم «داعش» - الدولة الإسلامية بالعراق والشام - بنقل نشاطه إلى سيناء، ونتابع بالتزامن مواجهات دامية مع عناصر الإرهاب.
السؤال.. وماذا بعد؟ وكيف السبيل إلى سيناء خالية من الإرهاب وأرض للخير والسلام؟
في تقديرى أن المشرط الأمنى وحده، لا يكفى لاستئصال شأفة الإرهاب.. وأن الحل يكمن في كلمة السر.. «الشجر والبشر قبل النار والبارود».. الأمر الذي يستدعى العمل على وجه السرعة، لبداية مشروع تنموى ضخم بسيناء.
لعل ما يدفع إلى رفض الحلول الأمنية منفردة، هو شبح مرحلة بغيضة مرت على سيناء، كانت الكلمة العليا فيها للحل الأمنى دون أي ضوابط، حيث التعامل غير المدروس في التعاطى مع أهل سيناء دون مراعاة للخصوصية أو العرف، وهو ما ظهر بوضوح عقب تفجيرات طابا يوليو 2004، ثم ارتفاع وتيرة البطش والتنكيل العشوائى بأهالي سيناء عقب تفجيرات شرم الشيخ يوليو 2005.
الأمر الذي أدى إلى انتشار الفكر الجهادى والتكفيرى ضد أجهزة الأمن، مع وجود توتر دائم بين قبائل سيناء، جراء المعالجة الأمنية التي لم تراع حقوق المواطنين ولا خصوصية المكان الإستراتيجى المهم.
ومن ثم لا يوجد لدى شك أن تأثير تلك المرحلة السلبى ما زلنا نعانى منه.. ومع تزايد التقارير التي تؤكد وجود جماعات مسلحة، تأتى حتمية إنهاء حالة العزلة والفراغ التنموى بسيناء.
علينا أن نعترف أيضًا بأن كامب ديفيد تعد أحد عوامل غل يد الدولة عن التصرف بحرية أوسع، الأمر الذي فرض فراغًا سكانيًا وأمنيًا وعسكريًا في معظم مساحة سيناء، في حين أن التوسع التنموى يخلق كثافة سكانية، وتلك هي الحالة الوحيدة، التي تعوق أي أطماع توسعية، وتضيِّق الخناق على الإرهاب.
ومن ثم فإن تعديل اتفاقية كامب ديفيد كى تتمكن مصر من بسط كامل سيادتها على سيناء يعد ضرورة إستراتيجية لا مفر من إدراجها على جدول مهام مصر، لكن الأكثر حتمية هو البدء فورًا بتنمية سيناء، بإقامة مشروعات زراعية وصناعية واستثمارية ضخمة، ومدن جديدة تجذب الشباب للاستقرار بها، لتصبح منطقة حيوية جاذبة للبشر.
لا مفر من ذلك حتى لا تظل سيناء مصدرًا للقلق.. وكى تعود كنزًا استراتيجيًا للوطن ودرعًا حامية لها.