رئيس التحرير
عصام كامل

قصة قصيرة.. «سرادق عزاء»

أحمد صلاح
أحمد صلاح

سرادق العزاء.. الوجوة الواجمة.. نحيب الأم على ولدها البكر.. عويل الأخت على صديقها وسندها في الدنيا.. قلب الأب المحترق على فلذة كبدة.. جميعها مشاهد ملئت سرادق العزاء.


لم يكمل بعد عقده الثالث ولم تختفِ يومًا بسمته من وجهه البشوش "صوت ضحكته.. نكاته.. إفيهاته" جميعها اشتهر بها فلا مجلس هو فيه إلا وصاحبته الفرحة والابتسامة، غصة في حلقى من استنجاد الأم بالزمن ودعائها للخالق بأن يغفر لولدها ويحسن مثواه فهو المانح وهو الأخذ ويسرقنى من غفوتى نداء الأخت الصغرى التي طالما دللها وأغدق عليها الهدايا "سبتني ورحت فين يا عبد العزيز" نداء يعقبه نداء يعقبه نداء ولا مجيب!!صمت الأب المرير ودموعه التي تسيل بقسمات وجهه وملامح البؤس التي اكتسبها وجهه فور سماعه خبر وفات نجله الفقيد كلها مشاهد من سرادق العزاء.

الحزن الكاسي لوجوه أصدقائه ونظراتهم الزائغة وألم الفراق المفجع وغصة الألم المصاحبة لابتلاع ريقهم.. إغماء صديقته التي طالما حلموا معًا بغد مشرق وأن يبنوا سويا عش الزوجية، فجأة ودون مقدمات تبخر هذا الحلم، وتسرسب من بين أصابعهم، وهي بقيت في عالم موحش بدونه وشد هو الرحال لعالم آخر، والتحف بكفن أبيض داخل تربة "متر في متر" كلها مشاهد في سرداق العزاء.
لن تحتاج لأن تسأل عن مكان سرادق العزاء فأنت تشتم رائحة الحزن تفوح من على بعد أميال وترى الحزن مغيما على عيون أهالي القرية والعجوز الذي يضرب كفًا على كف وينوح بصوت حزين "راح الولد الباسم راح أبو قلب حنين"، وها أنا أقف وسط تلك المأساة حزينا أستغيث من الوجع بالوجع، وأشكوا إلى صديقي الذي في السموات غيابه المؤلم، صديقي أذكر لحظات فرحنا لفوزنا على فريق قسم العلاقات العامة، ولهفتنا في ممرات الجامعة لمعرفة نتيجة نصف العام واحتفالنا بالأحضان لنجاحنا، وأتذكر الإفطار الرمضاني الذي جمعنا قبيل سفرك للعمل بالخارج بعد أن لفظتك بلدك، وما زال صوت ضحكتك يرن في أذني في آخر مقابلة جمعتنا معا قبيل عودتك إلى السفر وأنت على مضض وأتوجه إلى الخالق وأشكوا إليه ما أخذ وأعلم أن رحمته ومغفرته وسعت الدنيا وفاضت، لكن سقوطك سهوًا من بيننا موجع.
الجريدة الرسمية