رئيس التحرير
عصام كامل

إنسانية عاهرة !


وقفت متأملا أمام العرض الذي قدمته ممثلة الأفلام الإباحية ستورمى دانيال للجهاديين في سوريا، ووعدها لهم بأن تمارس معهم الجنس، أو جهاد النكاح مجانا، بشرط أن يتخلوا عن ميولهم الانتحارية، وقالت إنها مستعدة لممارسة الجنس مع أي مسلم، لديه الرغبة في القيام بعملية انتحارية؛ ليفوز بالحور العين، وقالت إنها على استعداد أن تقابل من يرغب في ذلك في أي مكان، بدلا من تلك الحورية الوهمية، شرط أن يتخلى عن فكرته الانتحارية التي ستطاله مع أبرياء، ووعدت السيدة المحترمة بألا ينسى أي انتحارى تلك الليلة. 



لكم أن تتصوروا تأثير تلك الرسالة على الصورة الذهنية للمسلم في مخيلة الآخر، غربا كان أو شرقا، ولكم أن تتصوروا كيف لعاهرة أن تساهم في الإنتاج الحضارى للإنسانية، بأن تهب نفسها وبالمجان لحماية الأبرياء بمن فيهم الجهادى المسلم الذي يقرر الانتحار، وقتل غيره ليس لشيء إلا للفوز بلقاءات جنسية متكررة مع الحور العين، كما يوهمهم من يحضهم على كراهية الحياة.

تصوروا أن امرأة قد يرى البعض أنها لا تعيش من الحياة إلا نموذج الأداء الجنسى بلا تمييز، أي بشكل حيوانى، وتكون لديها هذه الأفكار عن الحياة، وإنقاذ الأبرياء في حين يصور لنا البعض أن القتل باسم الجهاد والدين لأطفال كانوا أو شيوخ.. نساء أو شباب.. مجرد القتل يساوى في عرفهم ليالي جنسية متواصلة في جنة الخلد.. تصوروا القتل مقابل الجنس، وتصوروا عاهرة تضحى بوقتها الثمين، وعملها الدءوب، وتدفع من جمالها وجهدها من أجل الحياة.

تلك هي الصورة التي ستصل لكل من لا يعرف عن الإسلام إلا مجاهديه وانتحارييه.. هذه هي الصورة التي ينشرها الجهاديون عن دينهم، وهذا هو موقف باغية تقتات من جسدها، وتعد المجاهد الانتحارى القاتل المقتول بأن يقضى ليلة لن ينساها.. هكذا تتحول امرأة تعيش جزءا من حياتها بشكل حيوانى، إلى إنسانة وديعة تضحى بوقتها وجهدها وجمالها، بل وتعد بأن تكون على أحسن ما يرام من أجل حقن الدماء.

ليس بعيدا أن تعم دعوة دانيال؛ لتصبح حالة إنسانية من عالم البغاء إلى عالم الجهاد، وليس بعيدا أن يستغل هذا التصور كل من يعادى الإسلام؛ ليوضح للناس العجم قبل العرب أن مجاهدة غربية من مجاهدات الليالى الحمراء، قد نجحت فيما فشلت فيه المؤسسات الدينية الإسلامية التي تتصارع حول فكرة الموت والقتل والانتحار، وتشيع بين البشر حضارة الكراهية وإثابة كل من يقتل بالفوز بحوريات فاتنات.

الخبر الذي تناقلته فضائيات عدة، ونشرته وكالات أنباء وعلى أثره التقت وسائل إعلام عالمية الممثلة الإباحية التي تحدثت بشكل إنسانى عن صدق نواياها فيما أعلنته، وبدت وكأنها تنقذ هؤلاء الهمج الجهاديين الذين يقدمون على الموت من أجل لقاء جنسي، وبدا أن حضارة ممثلة الأفلام الجنسية تستغل مواهبها؛ لوقف القتل ومنع الجهادى من الانتحار؛ فإذا ما كان يسعى من وراء ذلك لتحقيق رغبة جنسية، فإنها ستمنحه ما لن ينساه على حد قولها.

إلى هذا الحد وصل بنا الأمر، وداهمتنا أفكار عبثية لا علاقة لها بالدين، وأصبحنا في موقف محزن ندافع عن إنسانية حضارتنا، وقيم ديننا الروحية في مواجهة عاهرة استطاعت أن تقدم حضارتها وقيمها المنحطة، بشكل أكثر إنسانية من حضارتنا العظيمة.

الجريدة الرسمية