توماس فريدمان: إسرائيل تواجه موقفا بالغ الصعوبة أشبه بـ "الحارة السد"
شدد الكاتب الصحفي الأمريكي توماس فريدمان على أهمية نجاح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في مهمة إرساء السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين عبر تحقيق حل الدولتين، قائلا: "إن إسرائيل في هذا الصدد تواجه موقفا بالغ الصعوبة أشبه بالحارة السد".
وأضاف فريدمان -في تقرير نشرته صحيفة "ذي إيج" الاسترالية اليوم الأربعاء- أنه يتفهم قلق القادة العسكريين الإسرائيليين حتى المعتدلين منهم عند الحديث عن أي انسحاب من الضفة الغربية، لكن الوضع الراهن ليس محايدا، مشيرا إلى أن إسرائيل تحتاج إلى عمل ما بوسعها للحيلولة دون الاضطرار لأن تصبح نموذجا لدولة ثنائية القومية -ذات أقلية معادية في باطنها- عبر التشبث بالضفة الغربية ومن عليها من الفلسطينيين البالغ تعدادهم نحو 2.5 مليون، هذا بالضبط نموذج لدولة تصدر الاضطراب، موضحا أنه من هنا تنبع أهمية نجاح كيري في مهمته.
وعلق فريدمان على عرض تليفزيوني إسرائيلي ساخر يطرح عبثية الحياة هناك، حيث افتتح البرنامج موسمه للعام 2014 برسوم كارتونية لحديقة جميلة ملأى بصنوف الأزهار متنوعة الألوان البهيجة والفراشات الرفافة، وفجأة يظهر على الشاشة جدار يسور الحديقة وقبة زجاجية تفصلها عن السماء كما فصلتها الجدران عن المحيط الخارجي.
ورأى فريدمان أن هذا المشهد جدير بالملاحظة لسببين: الأول، لاعتقاده منذ زمن أن النزاع الإسرائيلي العربي هو جزء من حرب حضارات عالمية أوسع نطاقا، وأنه المعمل الذي تخضع به التوجهات للاختبار أولا قبل أن تخرج إلى العالم - من اختطاف طائرات، إلى تفجيرات انتحارية، إلى محاولة خلق شريك متفاوض من عدو تقليدي (إسرائيل في لبنان 1982 ومع الفلسطينيين في اتفاقية أوسلو؛ أمريكا في العراق وأفغانستان).
وقال فريدمان إنه من الأهمية بمكان السؤال عما يقوله العرض التليفزيوني؛ إن المشاهد يرى إسرائيل تحاول عزل نفسها بعيدا عن المخاطر المتزايدة المحيطة بها، كما يرى منطقة أكثر اتساعا لم تعد منقسمة إلى فئتين إحداهما تناصر أمريكا والأخرى الاتحاد السوفيتي، أو المعسكر الاشتراكي في مقابل الرأس مالي، أو المدني في مقابل الديني؛ إنما بصدد منطقة يتعمق انقسامها بين عالم النظام وعالم الفوضى.
ويرصد أسراب المهاجرين الأفارقة ممن دخلوا إسرائيل في الأعوام الأخيرة على نحو غير شرعي بعشرات الألوف، مشيرا إلى أن معظم هؤلاء قدموا من جنوب السودان وإريتريا وأوغندا، ويقرر الكاتب الأمريكي أن إسرائيل باتت محاطة من أربعة حدود من أصل خمسة بعناصر لامنتمية مسلحة بصواريخ وتلبس لباسا مدنيا وتقف بين المدنيين.