الموتوسيكلات.. الإرهاب «على عجل».. الوزراء يقرر حظر استيرادها.. والصحة تفتتح أقساما خاصة بحوادث «الصينى» في المستشفيات العامة.. مليون موتوسيكل غير مرخص في شوارع مصر.. قريطم: تغليظ
قرر مجلس الوزراء خلال اجتماعه اليوم، تكليف وزارة المالية بمنع استيراد الدراجات البخارية كاملة الصنع والتوك توك لمدة عام، بالإضافة إلى منع استيراد المكونات الإنتاجية لمدة ثلاثة أشهر للدراسة، ووضع ضوابط صارمة من قبل وزارة الداخلية تطبق عند شراء وترخيص أي دراجات بخارية جديدة، مع السماح بمهلة مؤقتة لمدة أسبوعين للمالكين الحاليين للدراجات البخارية والتوك توك لتوفيق أوضاعهم فيما يتعلق بالترخيص.
جاء القرار في أعقاب جريمة اغتيال اللواء محمد السعيد، مدير المكتب الفنى لوزير الداخلية قبل أيام، والذى فتح من جديد ملف ظاهرة انتشار الموتوسيكلات "الصينى"غير المرخصة، التي تنتشر في شوارع مصر كالجراد، يقودها صبية صغار وبلطجية ومسجلون خطر يرتكبون بها جرائم السرقة واختطاف الأطفال، والسطو المسلح على المحال التجارية، بالإضافة إلى حوادث التصادم المتكررة، لدرجة أن العديد من المستشفيات على مستوى الجمهورية، خصصت أقساما بها تحمل اسم "حوادث الصينى أو الموتوسيكلات".. فضلا عن استخدامها في العمليات الإرهابية، مثل حادث إطلاق النار على كنيسة الوراق واغتيال اللواء السعيد، وبحسب بعض الاحصائيات فإن هناك أكثر من مليون موتوسيكل غير مرخص تسير في شوارع مصر.. ترى ما هي حكاية الموتوسيكلات الصينى.. ولماذا تسير بهذه السهولة في الشوارع رغم عدم حصولها على تراخيص.. ولماذا يفضلها الإرهابيون في جرائم الاغتيال ومهاجمة الأكمنة والمنشآت العامة.. وكيف يتعامل معها رجال المرور؟ هذه التساؤلات وغيرها، تجيب عنها "فيتو" في السطور التالية.:
في البداية قررت فيتو أن تستمع لتجار الموتوسيكلات الصينى، باعتبارهم أكثر المستفيدين من تلك التجارة.. والتقت بأحدهم ويدعى"سعدون عبد الحافظ"، وسألته عن أسعار الموتوسيكلات الصينى وكيفية حصوله عليها فأجاب: "الموتوسيكلات الصينى لها عدة موديلات مختلفة الأسعار، وهى بصفة عامة تبدأ من ألفى جنيه، وتصل إلى 6 آلاف، أما التاجر فيحصل عليها بمبالغ تتراوح بين 1500 و4500 جنيه.. ومعظم التجار يبيعون "الصينى" بالتقسيط، بحيث يدفع الزبون مثلا 500 جنيه ويأخذ الموتوسيكل ويدفع الباقى على أقساط، وهذا الأسلوب منتشر جدا في المناطق الشعبية، ويقبل عليه الشباب الصغار وبعض المسجلين خطر، نظرا لسهولة إجراءاته".
عبد الحافظ أوضح أنه يبيع في المتوسط ما بين 3 و5 قطع يوميا، ويحصل على بضاعته من تاجر أكبر يستوردها من الصين، أما زميله عبد الله مرعى، فأكد أن الأسباب الرئيسية لانتشار الموتوسيكلات الصينى، تتمثل في رخص أسعارها، وتوافر قطع غيارها، فضلا عن سهولة تهريبها عبر الأنفاق الحدودية مع قطاع غزة.
وأكمل بقوله: آلاف الموتوسيكلات الصينى دخلت إلى قطاع غزة عن طريق الأنفاق الحدودية، لتباع هناك بمبالغ طائلة، وهذا ما دفع كبار التجار في مصر إلى استيرادها بكثرة من الصين، وبيع جزء منها في مصر، والباقى يهربونه إلى غزة. وقد استغلت بعض العناصر الإرهابية، كل هذه الأمور واعتمدت على الموتوسيكلات في تنفيذ هجماتها على كمائن الشرطة والجيش والكنائس والاغتيالات.
أما محمد نور – تاجر موتوسيكلات – فأشار إلى أن هناك بعض المعارض، تقوم بتأجير الموتوسيكلات للصبية الصغار، مقابل 20 جنيها في اليوم، وهؤلاء يستغلونه في ارتكاب جرائم مختلفة، مثل خطف حقائب السيدات، أو اختطاف الصغار، وفى بعض الأحيان ينظمون سباقات على الطرق السريعة، الأمر الذي يؤدى إلى وقوع حوادث خطيرة.. أيضا تأجير الموتوسيكلات، فتح الباب أمام بعض العناصر الإرهابية المتطرفة، لاستخدامها في جرائمهم، نظرا لسرعة حركتها وسهولة الهروب بعد ارتكاب الجريمة.
مخاطر الموتوسيكلات الصينى، لا تقتصر فقط على استخدامها في ارتكاب جرائم بعينها، فهى تتسبب في وقوع حوادث مرورية يومية تسقط عشرات القتلى والمصابين يوميا.. وكانت المفاجأة عندما علمت فيتو، بأن معظم المستشفيات العامة في المحافظات، افتتحت أقساما خصيصا لاستقبال الإصابات الناتجة عن حوادث الموتوسيكلات الصينى، ووصل الأمر إلى إطلاق اسم "الصينى أو الموتوسيكلات" على تلك الأقسام.. وهى تضم مجموعة من الأطباء المتخصصين في العظام، والجراحة العامة، وتستقبل يوميا عشرات المصابين.
انتقلت "فيتو" إلى خبراء الأمن وسألتهم عن كيفية مواجهة خطر جرائم الموتوسيكلات الصينى.. فأجاب اللواء مجدى البسيونى، مساعد وزير الداخلية سابقا قائلا: "بعد الزيادة الرهيبة في جرائم الموتوسيكلات، واعتماد الإرهابيين عليها في تنفيذ بعض عملياتهم، أصبح من الضرورى الحد من انتشار تلك المركبات، ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال"إصدار قرارات صارمة بعدم بيع أي موتوسيكل إلا بعد ترخيصه، مع إعطاء مهلة لا تزيد على الشهر، لمن يمتلك موتوسيكلا بدون لوحات، للتقدم إلى إدارة المرور التابع لها واستخراج ترخيص له، وبعد انتهاء المدة يتم سحب أي مركبة غير مرخصة ومصادرتها".
أما اللواء محسن حفظى مساعد وزير الداخلية سابقا فقال: "تحولت الموتوسيكلات من وسيلة نقل خفيفة وسريعة، إلى وسيلة سرقة وخطف وقتل وإشعال النيران، ومن ثم لا بد من إعادة النظر فيها تماما، ومن الممكن وضع قواعد محددة تنظم عملية استيرادها من الخارج، وبيعها في مصر.. فمثلا لا يتم بيعها سوى لحاملى رخص قيادتها فقط، وعدم السماح لها بالسير في الشوارع دون لوحات معدنية، وتغليظ العقوبة على المخالفين بحيث تصل إلى الحبس والغرامة".
حملت "فيتو" كل ما حصلت عليه من معلومات وتفاصيل، وعرضتها على اللواء مدحت قريطم مساعد وزير الداخلية لقطاع المرور، وسألته عن كيفية مواجهة أخطار الموتوسيكلات المتزايدة، فأجاب: " قطاع المرور بالتعاون مع مديريات الأمن المختلفة، يشن حملات يوميا لضبط الموتوسيكلات غير المرخصة، وغيرها من المركبات المخالفة، ويتم تنظيم حملات وأكمنة على مختلف الطرق السريعة لمطاردة المخالفين وضبطهم، ويوميا يتم ضبط ما بين 70 و90 موتوسيكلا غير مرخص في القاهرة والجيزة فقط، كان يقودها صبية صغار ومسجلون خطر تتراوح أعمارهم بين 24 و30 سنة، ولا يحملون رخص قيادة.. وفور ضبطهم يتم فحصهم أمنيا، ولا يتم صرفهم إلا بعد ترخيص الموتوسيكل ودفع الغرامات المقررة قانونا".
وأضاف أن وجود قطع غيار تلك الموتوسيكلات بوفرة في مصر، ساهم في انتشارها بشكل كبير، حيث تقوم بعض ورش الميكانيكا بتجميعها وبيعها للمعارض"..
وعن كيفية مواجهة هذا الخطر الداهم قال اللواء مدحت قريطم: " قطاع المرور قدم طلبا إلى وزارة المالية والحكومة، لتعديل القوانين المنظمة لاستيراد وسير الموتوسيكلات في الشارع المصرى، وتضمن الطلب زيادة رسوم الاستيراد، وتحديد مواصفات الدراجة النارية بحيث يمنع دخول الرديئة رخيصة الثمن".