حمدي رزق
في معرض الكتاب هذا العام كان فتح مصر.. لا يذهب عقلك لبعيد فتظن أنه كانت هناك غزوة بالمعرض اسمها فتح مصر، ولكن كان هناك كتاب للكاتب الكبير حمدي رزق، خرج الكتاب من دار نهضة مصر ليكشف لنا الأعماق المخفية لجماعة الإخوان، وبأسلوبه الرشيق المشوق قص علينا حمدي رزق حدوتة إنسانية درامية، ولكنها حقيقية، قد تتفوق على الخيال أحيانا، ولكن حياتنا الآن أصبحت أغرب من الخيال، فمن ذا الذي يصدق ما نحن فيه وما صرنا إليه، كانت الحدوتة عن "فتح مصر" فكان كتاب "فتح مصر".
عندما تبدأ الحروف الأولى للكتاب نعرف ذلك الألم الذي عاشه ويعيشه حمدي رزق، ذلك الكاتب الذي تعرض من الإخوان لحرب بشعة جردته من دينه ووطنيته، هوِّن عليك يا حمدي فهكذا هم معنا جميعًا، حتى الذين وقفوا معهم وناصروهم لم يسلموا من حروبهم وتشويهاتهم، ألم يقف معهم الكاتب الكبير إبراهيم عيسى مناصرًا لهم حين تدهورت بهم الخطب وسيق بعضهم للمحاكم العسكرية، ألم يرفع صوته مناديا مصر أن تقف مع خيرت الشاطر إذ هو في السجن، انظر كيف اتهموه بالمروق من الدين لمجرد أنه عارضهم!
نعم طالتك الحروب الإلكترونية مبكرا، رغم أنك وقفت مدافعا عنهم في المصور عام 1999 عندما تمت إحالة بديع ومجموعة من الإخوان إلى المحكمة العسكرية، أذكرك وقتها وأنت تنشر كل أسبوع تحقيقا أو خبرا في المصور يصب في مصلحتهم، وأعداد المصور موجودة لكنّ أحدًا لا يقرأ، ولا أظن أنك كنت تبحث عن منفعة منهم، فوقتها كان الاقتراب منهم مكسبا كبيرا، ولكنك كنت تدافع عن قناعاتك بحق الإنسان في الحرية؛ ولأنك تمارس قناعاتك الوطنية، لذلك كتبت "فتح مصر" فكتاب فتح مصر من الكتب التي تكشف للتاريخ غائبا، وتحذر الحاضر من خطر، وتبدأ قصة كتابك من وهم عاش فيه بعضهم، وقد انطلق هذا الوهم من نفسية تكفيرية، وحين تجسد هذا الوهم في وثيقة كان عليك أن تدق أجراس الخطر، وحين أكتب عن كتاب حمدي رزق فإنني لا ألخصه أو أنتقده أو أمتدحه أو أعقب عليه، ولكنني أكتب عن "ما وراء الكتاب".
كانت تحت يد حمدي رزق وثيقة إخوانية اسمها فتح مصر، أدرك يقينا صحتها فنشرها ليعرف الناس كيف يفكر الإخوان، وكيف يعتبروننا كفارا جاهلين، والله أعلم كيف سيفتحوننا وعندنا أم الكتاب، كيف سيفتحوننا والأذان الطيب يخرج من المآذن عند الفجر لنصحو ونتوضأ ونذهب إلى المسجد لنؤدي فريضة الله وماء الوضوء يتساقط من بين أيدينا وجباهنا، هل كانوا يقصدون فتح مصر؟!
أم تر أنهم يقصدون فتح خزائن مصر!؟ دخول المسلمين مصر كان خيرًا لنا، ودخول اليهود مصر كان دخولًا خيرًا لهم، قال لهم يوسف عليه السلام وقد أتوا من البدو ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين، أما سيدنا موسى فقد قال لهم "اهبطوا مصر فإن لكم ما سألتم" فهل الإخوان كاليهود يريدون أن يفتحوا مصر ليغترفوا من فومنا وعدسنا وبصلنا وبترولنا ونيلنا وبحارنا، هل كانت الوثيقة تعني بالنسبة لهم الدخول إلى الخزائن وتأجير قناة السويس ووضع مشروع النهضة بـ"الجماعة" على أنه مشروع النهضة بمصر؟.