رئيس التحرير
عصام كامل

مصر المكانة والعدالة والقيادة


لا يتواءم الحديث عن مكانة مصر بين الأمم مع تصرفات البعض التي جعلت من هذا البلد صاحب الحضارة مجرد تابع للقوى الكبرى وربما الصغرى.

مثال ذلك الموقف المصري من الحرب على سوريا حيث تخلت مصر عن أي سياسات مبادرة واقتصر دورها على تنفيذ الخطط التي تضعها شقيقتنا قطر الأداة السياسية للشقيقة الكبرى السعودية الأداة السياسية لأمن أمريكا!!


الاعتزاز بالدور لا يتحقق بكثرة الحديث عنه بل يتحقق بشحذ الهمم وإبراز الإمكانات والقدرات التي أوصلتنا يوما ما إلى هذه المكانة والبناء عليه بدلا من الاكتفاء بالتغني بما وصلنا إليه قبل عقود وربما قبل قرون على طريقة (محمد ثروت) والست (ياسمين الخيام)!!.

لا ينفصل الاعتزاز بالدور عن معرفة الذات معرفة صحيحة متوازنة دون إفراط أو تفريط لأن العالم من عرف قدر نفسه ولأن العالم الحقيقي يعرض عن مدائح المبالغين المنافقين ويزدريها ولسان حاله فردا كان أو أمة يقول (أنا دون ما تقول وفوق ما في نفسك)!!.

العدالة في تقدير الذات ومعرفتها والعدالة في تقييم الآخرين حتى ولو كانوا منافسين وتثمين ما يتعين تثمينه من أدوارهم ومواقفهم ونقد ما يتعين نقده منها ولأن (أَكْبَرُ الْعَيْبِ أَنْ تَعِيبَ مَا فِيكَ مِثْلُهُ)، كما أنه من المتعين عليك أن (تسْتَقْبِحَ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُهُ مِنْ غَيْرِكَ وَأن ترْضَى مِنَ النَّاسِ بِمَا تَرْضَاهُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِكَ).

لا فارق في وجوب الالتزام بقيم العدالة بين الأفراد والأمم كما أن ما يرفعه البعض من شعارات من نوع (نحن فوق الجميع) لا ينفي حقيقة أن القيم الأخلاقية لا تنفصل عن وقائع الأرض، وأن إنجازات السياسة لا ترتبط بمدى نجاستها أو انتهازيتها، بل بحق تحييه قيادة معبرة عن قيم العدالة الإلهية وباطل تميته.

العدالة ليست قيمة محلية وليست مجرد إجراء قانوني تقوم به النيابات والمحاكم بل هي جوهر السلوك والتدبير السياسي في الداخل والخارج ودون هذه العدالة لن يبرز في ساحات السياسة والفكر سوى المفروضين بقوة القهر والمال، ولا شك أن هذا أحد أهم أسباب فقدان الدور والمكانة!!

العدالة قيمة ضابطة للعلاقات بين الدول كما هي ضابطة للعلاقات بين الأفراد وهي قيمة باقية تحيي الأمم وترفع من شأنها (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).

إنها المهمة الصعبة الملقاة على عاتق القيادة المرتقبة، إذ ربما تتمكن مصر من استعادة مكانة مستحقة ضاعت بسبب إصرار البعض على التعلق والتنقل بين حبال الأكاذيب والأوهام.
الجريدة الرسمية