رئيس التحرير
عصام كامل

مش عايزين "عبيط وأهبل"


تخدعنا الشعارات والقيم التي يتشدق بها البعض فنعتبرهم رموزا ونحيطهم بهالة من الإجلال، ولكن حين يصلون إلى مبتغاهم في المنصب الحكومي ويتصدرون المشهد السياسي، تسقط عنهم الأقنعة وتتبين الحقائق. لكن رب ضارة نافعة لأن من تكشفه تجربة العمل العام، ويعجز عن الإنجاز ينتهي ولا تقوم له قائمة، مثلما سيحدث مع د.حسام عيسى نائب رئيس الوزراء وزير التعليم العالي، إذ لم يكتف بالفشل الذريع فيما أوكل إليه بحكم منصبه، بل أضاف إلى ذلك الشطط في الحديث واستخدام مفردات وتعليقات تسيء إلى الحكومة مجتمعة ولا تليق بمن في علمه ومنصبه. 

اعتنق عيسى منذ صباه الفكر الثوري، وأيد الاحتجاج ضد السلطة، وشارك في المظاهرات طوال حياته طالبا ومعلما، تحدث كثيرا وأمعن في التنظير حول أموال الشعب المنهوبة وخير البلد الذي فرطت فيه الحكومات المتتابعة، وتدهور المستشفيات الجامعية وفساد الوزارات وتوريث المناصب في الجامعات وانهيار منظومة التعليم، وغياب العدالة الاجتماعية وغيرها، لكن ماذا فعل عيسى حين تبوأ منصبا يخوله تحقيق طموح وأحلام الملايين؟! 

قاوم عيسى وعطل الموافقة على قانون التظاهر متضامنا مع "جناح البرادعوية" في الحكومة، وحين زادت جرائم الإخوان والعملاء، اضطرت الحكومة إلى إصدار القانون تحت الضغط الشعبي. وتكرر الأمر مع ضغط الرأي العام لإعلان الإخوان "منظمة إرهابية" إذ كان ميالا إلى إرجاء الأمر، ثم كشف بنفسه عن أنه ساند الإخوان ودافع عنهم في عهد الرئيس الأسبق مبارك وإمعانا في الدعم نظم مؤتمرا قوميا على المستوى العربي لإدماجهم في الحياة السياسية، اعتقادا بأنهم جماعة وطنية، لكنه عرف حقيقتهم أثناء مظاهرات يناير 2011، وأن الإخوان يسعون إلى السلطة ويفعلون أي شيء من أجل الوصول إلى الحكم، هنا أدرك أنه "عبيط وأهبل" هكذا يقول عن نفسه.. فهل هذا وصف يليق بنائب رئيس حكومة مصر؟!

إذا وزير التعليم العالي يرى نفسه "عبيط وأهبل" فالشعب المصري لا يشرفه أن يكون بين قيادات البلد وزيرا بتلك المواصفات. ثم إذا عيسى أدرك مبكرا عدم وطنية "الإخوان"، وأنهم لا يؤمنون بمدنية الدولة ولا يريدون أن يشاركهم أحد في الحكم، فلماذا يرفض حتى الآن عودة الشرطة والحرس الجامعي لحماية مؤسسات العلم من طلاب الجماعة الإرهابية؟! ولماذا لم يردع أساتذة الجامعة "الإخوانجية" المشجعين على الإرهاب من نوعية باكينام الشرقاوي؟! ماذا ينتظر عيسى أكثر من تطاول طلبة "الإرهابية" على قيادات الكليات وحرق المباني واقتحام قاعات الامتحان ونشر الفوضى والذعر بين الطلبة!!

إن عجز وزير التعليم العالي عن ردع عصابات الإخوان في الجامعات، أو إيجاد حل لما يحدث وخطط أمنية تعيد هيبة الدولة، لا يقل عن فشله في ملفات موازية بصفته نائب رئيس الحكومة للعدالة الاجتماعية، حيث اكتفى بالتبرير حيال الخدمات الصحية المتردية، وأنه أطلق مبادرة إنقاذ المستشفيات الجامعية التي باتت ناقلة للأمراض أكثر من معالجة لها، وأن المتورطين في فساد المستشفيات ووزارة التعليم العالي لن يفلتوا من العقاب بعد انتهاء التحقيق.

يعترف عيسى بخطورة الفساد والتوريث المتفشي في الجامعات، وكذلك انهيار المستوى العلمي، وأن لديه ضوابط ومشروع قانون لتنظيم الجامعات والقضاء على الفساد ومنع التوريث يعده للحكومة المنتخبة المقبلة وسيقدمه قبل تركه المنصب.. بالذمة هل هذا كلام يعقل، لو كان عند عيسى قوانين رادعة وناجعة، ماذا يمنعه من تفعيلها، على الأقل حتى يذكر له الشعب "حسنة" وإنجازا وقت توليه المنصب الحكومي!! 

وأخيرا ليس من حق الوزير حسام عيسى، أن يوزع صكوك المواطنة أو يتهم الغير، ومن غير المقبول قوله "إن الفريق أحمد شفيق ليس له مكان في مصر، وأن الرئيس الأسبق مبارك أكبر مجرم في تاريخ مصر"!

كيف يمنح عيسى نفسه حرية التظاهر والتعبير عن الرأي ثم يتهم الغير ويحرمه من الحق نفسه؟!.. تلك الأمور من مهام القضاء وهو صاحب الكلمة الفصل ولا مزايدات عليه. 
الجريدة الرسمية