الناصريون بين السيسي وحمدين والكلمة السواء!
كتبنا بالأمس في محاولة للإجابة عن السؤال: ماذا لو لم يترشح السيسي؟ وكان من المفترض أن نستكمل اليوم الإجابة عن تصورات الانتخابات ومجراها إذا تحقق الافتراض المذكور.. إلا أن زيارة السيد عمرو موسي إلى المشير السيسي حسمت الأمر ولم تكن إلا حلا وسطا ذكيا يحقق الامرين معا: طمأنة الناس حول ترشح المشير واستمرار التزام المشير بالبرنامج الزمني الذي وضعه لنفسه لإعلان الترشح!
ما يعنينا اليوم هو وقف الحرب الأهلية المشتعلة داخل التيار الناصري بين مؤيدي الرجلين.. وبعيدا عن تقييم تاريخ وإنجازات كل منهما نقول:
في 2010 كاتب هذه السطور وآخرون أيدوا حمدين صباحي وكان مبارك في السلطة..كان ترشيحه مخالفا حتى للدستور بحكم التعديلات الدستورية التي وضعت وقتها وهو ما يعني أن كل من أيدوا الرجل قرروا أن يخوضوا معه معركته - معركتنا - حتى النهاية.
وبعد ثورة يناير وفي الأسابيع الأولي من حملة الانتخابات الرئاسية كنا معه.. وكان الكل معه.. دون أن يتخيل أحد وفي أفضل حالات التفاؤل أن يحصل حمدين على ربع ما حصل عليه.. ولم يكن ذلك لسبب فيه أو في برنامجه.. وإنما لضعف الإمكانيات ولسيطرة قوى أخرى على وسائل إعلام هي بلا شك مؤثرة وفاعلة في مثل هذه المعارك.. ولكن تبقى النتيجة الخلاصة من ذلك أن أغلب أبناء التيار الناصري ومنهم من كان على خلاف شديد مع حمدين ومع حزب " الكرامة" إلا أنهم - وقد رأيتهم بعيني - كانوا بكل قوة معه.. يدفعون من جيوبهم من أجل كتابة يافطات هنا وهناك أو طباعة أوراق للدعاية دون أدنى أمل في أي فوز..وهو ما يعني أيضا أن حمدين يعنيهم ويهمهم.. يقدرونه ويحترمونه.. يقدرون تاريخه وما قدمه.
ولم يكن أحدهم يطمع في شيء ولا يحلم بشيء اللهم إلا انحيازه إلى ما يرضيه وقناعاته وضميره.. هؤلاء.. منهم كثيرون جدا الآن يدعمون السيسي.. غالبيتهم يدعمون السيسي لأسباب مختلفة في مجملها لا تمس حمدين من قريب أو من بعيد.. وهو ما يعني أن اتهامهم بالنفاق غير صحيح..وعيب..ولا ينبغي ترديده..ويجب لوم وتوبيخ وعقاب من يردده في "الكرامة" أو في "التيار الشعبي"..وهو خطأ ينبغي التراجع عنه إن لم يتم الاعتذار عنه.
نعم نقدر حجم العشم..وهم في العشم لهم ألف حق وحق..العشم يعني الثقة في موقف وضمير من نتعشم فيه..ولكن..علينا أن نتذكر - لأن البعض عقولهم لا تعمل -..أن كل من دعم السيسي الفترة الماضية كان يدعمه لدفعه للترشح وتشجيعه على ذلك..كان دعمه يعني الوقوف ضد الإخوان وأمريكا وكانوا وهم يفعلون ذلك يعتقدون أن ابن تيارهم لن يترشح..هو بنفسه - وقتها - من قال ذلك تلميحا أو تصريحا..وبني الكثيرون الكثير على تصريحات حمدين وتلميحاته..وفي المقابل يجب على أنصار السيسي تقدير وقوف غيرهم إلى جوار حمدين..مرشحهم السابق..واحترامهم لهم..وتقديم الدعم لهم متي طلبوه..فهم أيضا يلتفون حول مناضل لازالوا يقدرونه حتى لو منحوا صوتهم لغيره!
في الاختصار: لا يصح أن نلوم من يقف إلى جوار حمدين..ولا يصح أيضا أن نعتبر من يدعم السيسي أنه ضد حمدين أو يهاجمه أو خصما له..والأسهل الآن هو الحل الممكن حاليا وهو أن يفتخر التيار الناصري أنه التيار الوحيد الذي له مرشحان اثنان خلاف كل التيارات الأخرى..شريطة أن تتم الانتخابات بدعاية نظيفة..راقية..محترمة..وأن يلملم العقلاء فورا ما بعثره الانفعاليون المتعصبون.
قبل أن تتمدد البوادر وتكبر..وبكل صراحة نقول إن من يهاجم اليوم أبناء جمال عبد الناصر وهيكل وفريدة الشوباشي وعبد الحليم قنديل وعبدالله السناوي وكثيرين من رموز التيار الناصري وقياداته لدعمهم للسيسي فإنه من المؤكد أنه سيهاجم السيسي نفسه غدا..لينتقل الأمر من دعاية لحمدين إلى حرب على السيسي بما ينذر باشتعال الموقف المشتعل أصلا ولن يقبلها الكثيرون يرون - ونحن معهم - أن السيسي يكفيه جدا جدا حرب الإخوان والإرهابيين عليه.
في حين يكفي حمدين جدا ما يتعرض له من قوى خبيثة لعبت لمرشح محتمل آخر - نكرر آخر - وأرادت تشويه حمدين على أمل المعركة المحتملة وهو ما ينبغي أن ينأى بعيدا عنه - بحكم التاريخ المشترك واعتبارات إنسانية وأخلاقية عديدة - أصدقاء ورفاق حمدين وأنصاره السابقون من أبناء تياره!
إن فعلنا ذلك فمن الفتنة نجوا ونجونا..وان لم نفعل فما نجونا ولا ننجو!
اللهم بلغت..اللهم فاشهد.