مبارك كان أرحم
الأحداث الأخيرة تؤكد أن الرئيس السابق كان أرحم كثيرا من حكم مرسى وإخوانه، ثلاثون عاما قضاها مبارك فى الحكم لم نر فيها إطلاق النار وقنابل الغاز على مشيعى جنازة، ولا سحل مواطن وتعريته على مرأى ومسمع من العالم ولا كل المصائب والكوارث التى تدمر مصر خلال حكم مرسى فى الثمانية أشهر.
وبحكم خدمة مبارك فى القوات المسلحة لنصف قرن، فقد كان الشرف يسرى فى دمه إلى أن مرت عشر سنوات من حكمه بدأ يخضع بعدها للمقربين منه، ويستجيب لرغبات زوجته فى إعداد ابنه جمال ليرث الحكم من بعده، فتغيرت أحواله، لكنه كان يضخ كل شهر 125 مليون دولار فى خزانة البنك المركزى لزيادة الاحتياطى النقدى، فضلا عن مشاريع حقيقية وواقعية كتوسيع الممر الملاحى لقناة السويس وعدد وافر من الكبارى ومشروع مترو الأنفاق وبناء عشرات المدن الجديدة، ومع ذلك لم تفلس مصر رغم نهب العصابة مليارات الدولارات وتهريبها للخارج، لكن مرسى وإخوانه أتحفونا بمشروع النهضة الوهمى.
لم يتورط مبارك فى إطلاق الرصاص الحى على مشيعى جنازة، لكن مرسى تورط فيها بوصف أعف عن ذكره، ففى بورسعيد، مدينة الصمود والبسالة والنضال المستمر على مدى تاريخها، مدينة المقاومة ودحر قوات إنجلترا وفرنسا وإسرائيل، ينكل مرسى بمواطنيها الأحياء منهم والأموات، إن المشهد كان مرعبا: شهداء يشيعون شهداء، الرصاص الحى تطلقه شرطة مرسى على المشيعين وتمطرهم بقنابل الغاز، يهرب المشيعون بالجثث فى الشوارع الجانبية، يسقط المشيعون شهداء، تسقط قنابل الغاز على النعوش فتحرق جثمان الشهداء، كارثة إنسانية مروعة لم يرتكب مثلها جنود الاحتلال الإسرائيلى ضد أشقائنا فى فلسطين المحتلة، لكن من يتدثرون بالدين كذبا وزورا وبهتانا فعلوها، قاتلهم الله ورد كيدهم إلى نحورهم، إنه على كل شىء قدير.
ثم تأتى واقعة تعرية المواطن حمادة صابر وسحله وضربه عاريا بأيدى وأرجل وهراوات الأمن المركزى "المصرى"، وبعد وصلة الضرب والتعرية يحاول الرجل ستر عورته، فيضربه الضباط والجنود بأحذيتهم، ثم يلقون به فى مدرعة الشرطة، وفور بث الواقعة على شاشات الفضائيات، يسارع ضباط الشرطة بنقله إلى مستشفى الشرطة، ويتم تضميد جروحه وتهديده باغتصاب بناته وزوجته وتلفيق قضية سلاح ومخدرات لولده، ويجبره الزبانية على الاعتراف بأن من فعل به هذا هم المتظاهرون وليس جنود وضباط الأمن المركزى.
وتنتفض إرادة الشرفاء، فيخرجون الرجل إلى مستشفى حكومى ويطمئنه الناس أن الشرطة لن تستطيع تنفيذ تهديداتها، ويتقدم حمادة للنيابة العامة بأقواله الحقيقية التى رأيناها جميعا بأعيننا، ليتعرى نظام حكم فاشل، فاشى، مستبد، دكتاتورى، وسوف يتم محاكمتهم على هذه الجرائم الوحشية، ليعودوا إلى السجون التى أخرجهم الثوار منها.
لست من فلول النظام السابق ولا من أحباب مبارك، لكنها شهادة مواطن أمام التاريخ.