المتحولون
عجزت عن تفسير حالات التحول من النقيض إلى النقيض.. قرأت ما قاله المفكر نصف الأمريكى عن حسنى مبارك وما نشره في الأهرام واصفا الرئيس الأسبق بأنه أعظم حكام العرب وأكثرهم وطنية.. واستمعت إليه الآن وهو يتهمه بالعمالة والعناد والغباء السياسي.
وبالمثل فعل الثائر السابق الذي كان يتباهى بمشاركته في ثورة يناير، ويتنقل الآن بين الفضائيات متهمًا ثوار يناير بالعمالة لأمريكا.
والأعجب من كل ذلك أحد منافسى مبارك في الانتخابات والذي يظهر الآن على قناة الجزيرة متنكرًا لكل ما كان ينادى بعد أن فشل في القيام بدور له على الساحة المصرية.
والأعجب من هؤلاء المتحولين عدة مجموعات من شباب الثوار الذين يتنافسون في الدفاع عن جماعة الإخوان الإرهابية.. وقد انقلب بعض هؤلاء الشباب من الثوار على مجموعات أخرى من شركائهم في الثورة، ولم يكتفوا بالانقلاب على غيرهم بل وانقلبوا على أنفسهم أيضا.. والأكثر عجبا بعض زملائنا من الصحفيين والإعلاميين الذين تحولوا من مدافعين عن مبارك وحزبه الوطنى إلى أكثر المتحمسين لإدانة مبارك والذين معه.
إن من بينهم من كان يشيد بوطنية مبارك وعبقريته السياسية وهم الآن يتنافسون في اختراع إدانة مبارك ونظام حكمه.. ومن هؤلاء الزملاء من كان يعمل بصفة رسمية ضمن مجموعة الدعاية لمبارك في انتخابات الرئاسة التي أسفرت عن أغلبية مصطنعة للرئيس الأسبق.. ومنهم من كان يدعى أن مبارك أحق المرشحين لفترة رئاسة جديدة يكمل بها دوره الوطني الذي لا يتمتع به سواه.
ثم انتقلت بعد ثورة يناير إلى صفوف المهاجمين لمبارك وفساد حكمه وسافرت إلى أوربا لتجمع أدلة إدانته وإدانة أسرته بالفساد والتربح وتهريب الأموال.. ومن هؤلاء جميعا من كان يدافع عن حق جمال مبارك في الترشح لرئاسة الجمهورية باعتباره مواطنا مصريا له كل حقوق غيره من المرشحين، وهؤلاء يتزعمون الآن حملات إعلامية تدين فكرة التوريث باعتبارها أهم ما دفع الثوار إلى الخروج في يناير والمطالبة برحيل نظام مبارك.
عجزت وعجز غيرى عن تفسير تلك الحالات من التحول التعيس الذي يدين زملاء وأصدقاء كان لهم الكثير من الاحترام.
ترى هل سنرى تحولات أخرى بين مؤيدى رئيس الجمهورية الجديد؟!