رئيس التحرير
عصام كامل

الذين يريدون هدم المعبد


نعم ظفر الإخوان بحكم مصر، لكنهم -للأسف- أساءوا التعامل معه.. كانوا دون مستوى التحدى بكثير، داخليا وخارجيا.. مع ذلك لم تتوقف محاولاتهم في الاستئثار بكل شيء.. تصوروا أن إدارة دولة بوزن وحجم مصر، كمثل إدارة جماعة محدودة ذات رؤية واحدة، ناهيك عن ثقافة السمع والطاعة والثقة في القيادة، لم تكن لديهم خبرة ولا تجربة..


أرادوا أن يصعدوا التل دفعة واحدة، دون إعداد أو تهيئة أو تدريب، فكانت المأساة.. وطنوا أنفسهم على البقاء في الحكم لقرون، مع أن هذا مناف لفكرة الديمقراطية التي تعتبر التداول السلمى للسلطة أحد مرتكزاتها، لكنهم فشلوا بعد عام واحد فقط، لم يكن الدكتور مرسي سوى أداة، وكان أصحاب القرار خارج قصر الاتحادية، كان هناك غياب للرؤية الإستراتيجية، وفقدان القدرة على التواصل مع مؤسسات الدولة، فكان الإعلان الدستورى المشئوم.. مارسوا العنف ودافعوا بشدة عن مرتكبيه..

تناسوا قضية حق الشهداء في القصاص، وتنكروا للعدالة الاجتماعية، والنتيجة خروج الملايين في ٣٠ يونيو، رفضًا وغضبًا واحتجاجًا، ومطالبة برحيل الدكتور مرسي وإنهاء حكم "المرشد"، وكما انحاز الجيش إلى الشعب في ثورة ٢٥ يناير، وهو ما أدى إلى تنحي مبارك، انحاز الجيش أيضا إلى الشعب في ثورة ٣٠ يونيو وكان من نتيجته عزل مرسي والإطاحة بحكم الإخوان.. أهدروا جميع الفرص السلمية المتاحة لهم، وكانوا سببا مباشرا في إهدار دماء الكثير من الشباب.. قطاعات عريضة من الشعب لفظتهم، لم تعد تطيق سماع شيء عنهم ولا عما يصدر منهم..

المشهد الهزلى الذي أبداه الدكتور مرسي وإخوانه في قفص الاتهام يوم ٢٨ يناير أثار تساؤل البعض: هل هؤلاء هم من كانوا يحكموننا؟! أصبح الإخوان خارج السياق، وخارج التاريخ، لا يدركون أنهم بممارساتهم الآن يدفعون الشعب دفعًا؛ لأن يلوذ بالمشير السيسى، وإلى مزيد من التمسك به كى يكون رئيسًا لمصر.. وهى من ثم تقدم خدمة جليلة له.

إن ما فعلته جماعة الإخوان بنفسها وبالوطن وبالشعب المصرى يدعو للحزن والأسى.. كنت أتمنى أن تكون عامل نهوض ورقي وتقدم لمصر، فإذا بها تتحول إلى عامل هدم وتخريب وتدمير، وكانت عونا للإرهاب.. تحاول هدم المعبد على كل من فيه، تدعمهم في ذلك الإدارة الأمريكية وأذنابها في أوربا والمنطقة العربية.. هؤلاء غير مدركين حجم وقيمة مصر ودوريها الإقليمى والدولى..

إن الذين حرموا محبة الوطن، حرموا خيرا كثيرا.. هؤلاء غابت عنهم تلك الحقيقة المستقرة التي فطن إليها الحكماء العالمون من قديم أنه لا يمكن بحال تطبيق الشريعة، أو أي مشروع آخر أيا كانت طبيعته أو وجهته، على أشلاء الوطن.. يقولون: فاقد الشيء لا يعطيه.. وهو مثل صحيح..

لذا، كان من المحال على من جفت ينابيع الخير والجمال في نفسه أن يكون من بناة الأوطان أو قادة الشعوب إلى العلا.. سوف يمضى وقت طويل كى يعودوا إلى السياق، لكن ليبدءوا من الصفر.. قد تعينهم قسوة التجربة وشدة المحنة على مراجعة مواقفهم وإعادة حساباتهم.. لكن للأسف، لن يتعلموا، سيكررون نفس التجربة ونفس الأخطاء، فالذاكرة "سميكة" كما أن "آفة حارتنا النسيان".
الجريدة الرسمية