رئيس التحرير
عصام كامل

«أردوغان» يعود إلى «حضن إسرائيل».. «رجب» يطوي صفحة «العداء الوهمي» ويستأنف «التطبيع» رسميًا.. «أنقرة وتل أبيب» تديران شبكة مصالح اقتصادية وأ

رئيس الوزراء التركي
رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان

إسرائيل الحضن الدافئ لأردوغان، هكذا يثبت رئيس الحكومة التركية يومًا بعد يوم.. ينفعل ضد شيمون بيريز بلقطات إعلامية، ويثير ذوبعة بحادث السفينة مرمرة، لكنه في نهاية المطاف يعود لحليفه التقليدي بالمنطقة، وكان من المتوقع عاجلًا أم آجلًا الوصول إلى قمة التسويات التي تجمع بين الجانب "أنقرة وتل أبيب" في ظل خطوات مسبقة مهدت الطريق لذلك.


إسرائيل كانت قد أعلنت مؤخرًا تجدد رحلاتها الجوية إلى تركيا، بعد ما وقع وزير المواصلات الإسرائيلي "يسرائيل كاتس" على اتفاقية مع أنقرة، تتيح استئناف الرحلات الجوية للشركات الإسرائيلية إلى تركيا، وبموجب هذا الاتفاق الذي تم في إطار محادثات أجريت بين الجانبين ستتمكن شركات الطيران الإسرائيلية من الطيران إلى تركيا بداية صيف 2014 الجارى.

وأشارت المصادر الإسرائيلية طبقا لعدد من الصحف "العبرية" إلى أن تركيا أظهرت رغبة قوية لاستئناف الرحلات الجوية الخاصة بشركات الطيران الإسرائيلية إلى أنقرة، بالإضافة إلى الزيارة الأخيرة لوزير شئون البيئة الإسرائيلي عمير بيريتس، أول عضو في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى تركيا منذ توترت العلاقات في عام 2010 على خلفية حادث السفينة "مرمرة"، وذلك في الوقت الذي تحدثت فيه وسائل الإعلام المحسوبة على أردوغان أن التسوية مع إسرائيل تقترب من الانتهاء وأن السفراء سيعودوا خلال فترة وجيزة إلى بلادهم.

واللافت للنظر هو أنه في ظل هذا التقارب المسبق بين الدولتين يطل علينا وزير الخارجية التركى "أحمد داوود أغلو" بتصريحات نقلها موقع "كيكار هشبات" الإسرائيلى اليوم الاثنين ليقول: "إن العلاقات بين إسرائيل وتركيا تقترب من التطبيع، وإنه تمت إزالة معظم النزاعات وإن البلدين قريبان من توقيع اتفاق إعادة العلاقات بينهما". 

وفى الأسبوع الماضي تم الكشف عن أن إسرائيل عرضت دفع تعويضات لعائلات الذين قتلوا في مرمرة، كما صرح مسئول إسرائيلي رفيع المستوى قائلا: "الاتفاقية جاهزة، لم يبق إلا كتابة رقم معين في السطور الفارغة لتثمين القيمة التي سيتم دفعها".

وفى ظل علاقات التطبيع غير المعلنة بين الجانبين اعتبر الموقع الإسرائيلى أن تصريحات "أوغلو" مفاجئة، ويأتى ذلك في الوقت الذي بات فيه غير معروفًا ما هو الموقف الإسرائيلي الرسمي تجاه تصريحات داوود أوغلو.

وأطلق وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان، تصريحات كثيرة في الماضي ضد مفاوضات التصالح مع تركيا، التي بدأت في العام الماضى، حتى أنه شدد على أن اعتذار نتنياهو لأردوغان، كان "غلطة فادحة"، بحسب قوله.

وفى ضوء الظروف الصعبة التي يمر بها أردوغان تركيا، وبعد أن تقطعت به السبل بحثًا هنا وهناك عن حليف يدعمه لجأ رئيس الحكومة التركية أولًا إلى طهران، البلد الذي لا يربط بينه وبين أنقره أي مودة عبر تاريخ العلاقات بين الجانبين، ومن ثم حول قبلته نحو حضن الدولة الأكثر قربًا بالنسبة له "إسرائيل".

ويدور الحديث عن علاقات قوية تربط تل أبيب بأنقرة منذ زمن بعيد، حيث كانت تركيا ثاني أكبر بلد ذات أغلبية مسلمة بعد إيران تعترف بإسرائيل عام 1949م، ومنذ ذلك الحين أصبحت إسرائيل هي المورد الرئيسي لحصول تركيا على السلاح، ناهيك عن التعاون العسكري، الدبلوماسي، الإستراتيجي فيما بينهما.

أما ما يجرى من صعود وهبوط وتوترات في العلاقات بين الطرفين فهو عداء وهمى تؤكده التقارير الإسرائيلية المؤخرة عن تزويد تل أبيب بصفقات أسلحة لتركيا، هذا إلى جانب العلاقات الاقتصادية المنتعشة بينهما.

فمن ناحية تركيا ترى أن أن تعاونها مع إسرائيل يمكن أن يساعدها في اجتيازها المشكلات الاقتصادية والسياسة الداخلية، ويقربها من الجانب الأمريكى، ومن جهة إسرائيل ترى في تركيا أنها المعبر إلى منطقة آسيا الوسطى والقوقاز، كما أنها تستطيع من خلال أنقرة تحقيق أهدافها العسكرية ضد سوريا وإيران.

ونخلص من ذلك كله أن العلاقات بين الطرفين تضر بالصالح العربى والإسلامى، فلكل من أنقرة وتل أبيب مصالحه الخاصة لكنهما في النهاية يتحدان في تشكيل محور يقف ضد الدول العربية.
الجريدة الرسمية