"الوصيف"... حلم حمدين وعنان و...
إذا أردنا رئيسا قويا؛ فإننا لابد أن نصنع له معارضة قوية، وبالأحرى إذا أردنا أن يكون الرئيس القادم لمصر رئيسا خاضعا للإرادة الشعبية؛ فإنه يصبح لزاما علينا أن ننتخب له معارضة صالحة وقوية، على أن ذلك لابد أن يبدأ بتشجيع كل من يرى في نفسه القدرة على المنافسة في الانتخابات الرئاسية بخوضها، دون إساءة إليه أو تجريحه أو النيل من سمعته حتى لو كنا ضده.
على أن الانتخابات القادمة قد تصبح واحدة من أدبيات ممارسة ديمقراطية أكثر نضجا؛ لنتبارى جميعا في تعميق لغة الحوار لانتخاب برنامج، بعد أن خضنا معركة انتخاب وهم النهضة، وما آلت إليه من تفخيخ مجتمعى، وترسيخ لمفاهيم الانقسام بين الناس، بل وصل الأمر إلى اقتتال الأسر باسم الدين، وتمادى التشرذم داخل الأسرة الواحدة، وقتل الزوج لزوجته باسم الشرعية..
تفككت أسر، وترملت نساء، وسقط الضحايا الأبرياء من كل الأطراف.. الواهمين والمستَغلين والبسطاء الذين تصوروا أنهم يخوضون معركة باسم الرب، بينما كان قائدهم يقبض الثمن من العم سام في واشنطن، وغيرها من عواصم الخيانة العربية والأعجمية.
ولأننا في سباق شريف؛ فإنني لا أرى تفسيرا منطقيا للهجوم الذي انطلق صوب حمدين صباحي؛ لأنه أعلن خوض المعركة الانتخابية القادمة، وهو الأمر المشروع، بل ومن الواجب أن نشجع عليه، صونا للتجربة الديمقراطية، وتعميقا للأداء الأكثر فعالية، وبرهنة على أن من يرون في أنفسهم القدرة على خدمة البلاد لابد أن يتقدموا الصفوف، والشعب قادر على الاختيار، بعد تجربة قاسية مع جماعة النار والشيطان.
وكم يحدونى الأمل أن يندفع الدكتور محمد البرادعى لخوض ذات المعركة، ومعه الفريق سامي عنان، وقد يعود أيمن نور ليرشح نفسه، ومعه عبد المنعم أبو الفتوح، وعدد لابأس به من الراغبين أو المعتقدين أن لديهم قدرة على تمثيل هذا الشعب، من أمثال الدكتور سليم العوا.. أقول ذلك بصرف النظر عن الفرص المتاحة، ولا أقوله نكاية أو شماتة في بعض المرشحين الذين قد لا يحصلون على أصوات عائلاتهم.. ليست هذه هي القضية، وإنما قضيتنا أن يشعر الرئيس القادم أنه فاز وفق مشهد مزدحم بالمنافسين، وهم من سيشكلون له ظهيرا معارضا ورقيبا مهما بعد إعلان الفائز.
أهلا بكل من ينافس على المركز الثانى، باعتباره الموقع الوحيد المتاح، والذي سيمثل المعارض الأول للرئيس القادم، واللاعب الذي سيظل على "دكة الاحتياط" أو "تراك التسخين".. أهلا بصاحب القدرة على المنافسة؛ لكي يتحول بعد ذلك إلى رقيب شعبي بحكم ما سيحصل عليه من أصوات الناخبين.. أهلا بعنان وحمدين ونور و"أبو الفتوح" والعوا وكل من يرى في نفسه قدرة على المنافسة.
وليس من باب الاستهانة بالمتنافسين أو الاستخفاف بهم أن طالبت في حال ترشح المشير السيسي أن تكون الانتخابات القادمة على المركز الثانى، بل إن هذه الرغبة إنما أدفع بها حرصا على المتنافسين الآخرين، أو الطامعين، أو الطامحين، أو المغرمين، أو العاشقين، أو المشتاقين، لنقول لهم إن المركز الثاني هو الوحيد المتاح، بعد أن أصبح المركز الأول مشغولا منذ ٣٠ يونيو.
وميزة حصر الانتخابات على المركز الثانى أن الفائز فيها سيردد على الجميع أنه فاز بالمركز الأول في المنافسة على المركز الثانى أما أصحاب المراكز بعد الثانى والثالث والرابع؛ فإننا قد نلجأ للقرعة العلنية؛ لتحديد اسم معارض المعارض الأول!!