بالفيديو.. الروائي الشاب عمرو عاشور في حوار لـ"فيتو": الأدب المصرى يشهد الآن نهضة كبرى وتخطينا مرحلة الأديب النجم
- فوز "كيس أسود ثقيل" بجائزة ساويرس الثقافية أحياها من جديد
- "كولاج" رواية تضم إليها الموسيقى والشعر والفن التشكيلى
- المرأة قاهرة ومقهورة في مجتمعنا
- أتقمص شخصية الطفل طوال الوقت
يعتبر الروائى الشاب "عمرو عاشور" أن فوز رواية "كيس أسود ثقيل" بجائزة ساويرس فرع شباب الكتاب الآن كان آخر فرصة لها لكى تصل للجمهور، ويقول في حوار لــ"فيتو" إن الرواية تم نشرها منذ سنوات في وقت انشغال الناس بالأحداث السياسية، وفوزها في هذا التوقيت أحياها من جديد.
-ما رأيك في المسابقات الثقافية الخاصة كجائزة ساويرس وغيرها؟
* هذه المسابقات مهمة جدًا للكتاب والمبدعين، والأهمية ليست في الجانب المادى الذي يحصل عليه الكاتب فقط، بل في تقديم عمله الإبداعى على مستوى أوسع، فهناك أعمال يمكن أن تندثر ولا تصل للجمهور لولا هذه المسابقات.
-هل تقدم مسابقات الدولة الدعم للشباب كما تفعل المسابقات الخاصة؟
* الدولة تقيم العديد من المسابقات منها جائزة "التفوق" و"التشجيعية" ولكن في الفترة الأخيرة ظهرت مشاكل وشروط غربية بهذه المسابقات، مثل جائزة الدولة التشجيعية التي تشترط تقديم أعمال متخصصة في أدب الفتيان!!.. ولكن في المقابل هناك العديد من الجوائز العربية التي تدعم الكتاب مثل جائزة "دبى" و"البوكر" و"الشارقة"، وبشكل عام أصبحت المؤسسات الثقافية الخاصة تقدم دور نهضوى وتنموى للثقافة في العام كله أكثر من المؤسسات الحكومية، فنجد مثلا مسابقة ساويرس نالت اهتماما إعلاميا وفنيا وثقافيا على مستوى واسع عكس ما يحدث في المسابقات الخاصة بالدولة.
-"الخليجى" هو الاسم الأول للرواية قبل تعديله "كيس أسود".. فلماذا كانت "الخليجى"؟
* كنت أريد أن أكتب الرواية بطريقة غير نمطية عن فكرة الغربة، ولكن الغربة بمفهوم أشمل، وجاءت شخصية أبو عاطف الذي سافر إلى الخليج تدعم هذه الفكرة، وواجهنى مأزق خلال الكتابة وهو أن الجزء الأول كان بعين الطفل، الذي يروى ثقافة الخليج المختلفة عن ثقافة المصرية الشعبية البسيطة، الذي يحكى كيف انتقلت صفات الخليج إلى الأب الذي أصبح متعاليا واعتبر نفسه خليجيًا يتعامل مع المصريين ومنهم أسرته بكبر وتعالٍ.
-ولماذا تم تغيير الاسم؟
* قام أحمد اللباد بتصميم غلاف الرواية، واقترح على تغيير اسمها واقترح 5 أسماء قمنا باختيار "كيس أسود ثقيل" من بينها، وأنا أثق في اللباد جدا، وبالفعل كان الاسم الجديد أفضل وأكثر تعبيرا، وجعل حدود الرواية تتسع ولم تعد قاصرة على فكرة السفر والغربة في الخليج.
-تعرضت خلال الرواية لمهن لم يتناولها الأدب كثيرا كـ "مندوب المبيعات".. فما دور الأدب في إبراز هذه المهن والتعبير عن أصحابها؟
* الأدب ليس دوره التوثيق لشيء، وتناولت شخصية حياتها نقسومة مقسومة إلى نصفين.. الأول طفل يحلم أن يكون رسامًا وعالمًا وهو "العبور من ثقب ضيق"، والثانى "نحمل الأماكن بداخلنا ونرحل" والذي يعبر عن التصادم مع الواقع، فالطفل يجد نفسه لا كاتبًا ولا رسامًا ولا يجد عملًا ويكتشف أنه إنسان ضعيف يشبه والده -النموذج الذي رفضه في صغره- ويعمل في "سوق الجمعة" ويصبح له كفيل وهمه ما يعبر عن الغربة داخل البلد، في إشارة إلى أن الغربة لا تكون في الخروج من البلد فقط، ورغم وعيه بمشاكل الأب منذ الطفولة فإنه أصبح نموذجًا له.
-تعرضت في الرواية لمشاكل المرأة في مجتمعنا.. فما أسباب قهر المرأة من وجهة نظرك؟
* المرأة في مجتمعنا مقهورة وقاهرة، فنجد أكثر الناس المتحمسة للعيب، والتي تؤيد فكرة ختان الإناث هي المرأة نفسها رغم إدراكها ما يتسبب لها ذلك من ضرر، وفى الرواية أم عاطف كررت نموذج أمها التي كانت ترفضه في صغرها، بل تزوجت من زوج يعانى مرضًا نفسيًا، وأصبحت هي المسئولة عن الأسرة دون أي اعتراض منها.
والأدب هنا ليس دوره التغيير لأن هناك علم النفس والاجتماع وهذه دورهما، وإنما الأدب مثل كاميرا الفوتوغرافيا يلقى الضوء ويلتقط الصور ليعرضها على المجتمع، فالفن والأدب معنيان في الأساس بطرح الأسئلة وليس الإجابة عنها.
-"عاطف" بطل روايتك كان طفلا حالما يتمنى أن يصبح شاعرا ولكنه فشل.. فهل المجتمع يقتل بداخلنا المواهب؟
* نجيب محفوظ قال "لا يدمر الإنسان سوى نفسه" فإذا كان الشخص موهوبًا فعلا ومؤمن بموهبته، فلا أحد يستطيع تدميره، فالتاريخ الإنسانى قدم الكثير من الأدباء والعلماء الذين عانوا كثيرا في مجتمعهم، فالفارق في الإيمان بالموهبة وليس المجتمع، وعاطف لم يكن موهوبا بل كان يتوهم ذلك.
-الجزء الأول من الرواية كان بعين الطفل.. حدثنا عن الكتاب بعمق وعين الطفل؟
* لقد كان الجزء الصعب هو الكتابة بإدراك وعين الشاب وليس الطفل، فأنا متقمص شخصية الطفل طوال الوقت، فأحداث الطفولة موجودة في الذاكرة، والإنسان في الطبيعى هو نتاج لعدد من التجارب والخبرات جزء كبير منها مر بها في طفولته وتأثر بها.
-هل تعرضت لانتقادات لاستخدامك اللغة العامية البسيطة جدا في "كيس أسود ثقيل"؟
* الروائى يستخدم اللغة في الرواية طبقا للشخصية، و"عاطف" لو جعلت الكلام على لسانه باللغة الفصحى ستكون الشخصية "دمها تقيل"، فكاتب الرواية روائى وليس لغويًا، ولذلك يطوع اللغة على حسب شخصيات الرواية، فالكاتب ليس له لغة وإنما النص هو الذي له لغة يفرضها.
-هل تفكر في دخول تجربة "رواية جماعية"؟
* أفكر في ذلك وهناك مشروع قادم تحت اسم "كولاج" وهو عمل يضم رواية ولوحات فن تشكيلة ومقطوعات موسيقية، والرواية مبنية على فكرة غريبة وجديدة، فكما أن الفلسفة أم العلوم فالرواية أم الفنون، وعليها أن تستوعب أكبر قدر من الفنون، وهو ما سيحدث في هذا المشروع.
-وما هو العمل القادم لك؟
* رواية رب الحكايات، وتضم 4 حكايات "الجنة والدنيا –الجسر- الإنسان البدائى -حكايات وطقوس" وهى تدور عن عالم الخيال والحواديت.
-ما هو حال الكتاب الشباب الآن.. وفرص النشر المتاحة لهم؟
* حالة الأدب تشهد الآن نهضة كبيرة وظهور أسماء كثيرة من الشباب على الساحة، وأغلبهم متميزون، فقد تخطينا مرحلة الأديب النجم مثل نجيب محفوظ وطه حسين، وكسر هذه القاعدة جيل أحمد العايدى وأحمد مراد وعلاء الأسوانى، وساعد على ذلك انتشار وتعدد دور النشر، ففى البداية كانت الدولة هو المصدر الوحيد للنشر وكان الكتاب يظل بها 6 سنوات حتى يتم طبعه ونشره، ثم يلقى في مخازنها بعد ذلك، أما الآن دور النشر حلت هذه الأزمة، والدليل على ذلك كم الكتب الكبير الذي وجد في معرض الكتاب هذا العام.
-وما هو حال الكتاب الشباب من الناحية المادية؟
* الكتابة مثلها مثل باقى الفنون، تمر بمراحل، ففى البداية يكون ماتب، ثم كاتب موهوب ثم كاتب متحقق، وعندما يصل إلى كاتب متحقق تكون الكتابة هي مصدر رزقه، فهناك كتاب "يأكلون من كتبهم" فمثلا ما حققه علاء الأسوانى ماديا من رواية "عمارة يعقوبيان" لم يحققه نجيب محفوظ بسهولة، فالنجاح لا يأتى بسهولة لكن على الدول دعم الكتاب ماديًا حتى لا يضطروا للعمل في مهنة أخرى لكسب العيش إلى جانب الكتابة.
-ككاتب وروائى شاب ما الدعم الذي تريده من الدولة ؟
* أولا: نحن بحاجة إلى إعادة تجربة مكتبة الأسرة مرة أخرى، لأنها تساعد الأطفال والشباب في المناطق الفقيرة على القراءة وشراء واستعارة الكتب، ثانيا: على الدولة إعادة النظر في الكتب التي تتبنى نشرها، وإعادة النظر في المنح التي تمنحها للكتاب، فلا يعقل أن يمنح للكاتب 700 جنيه ونطلب منه أن يتفرغ للكتابة ويكتب بشكل ابداعى، كما أطالب بزيادة ميزانية الثقافة لأنه تخدم على التعليم والصحة وغيرها، وتعود على سلوك الفرد.
وتفاءلت بوجود شعراء وكتاب ومثقفين بلجنة كتابة الدستور لأنهم سيهتمون بالثقافة والفن، لكن المشكلة ليست في مواد الدستور، وإنما في تطبيقه على أرض الواقع.
-في وجهة نظرك على من تقع مسئولية توصيل أدبنا للخارج؟
* توصيل أدبنا للخارج ليس مسئولية الكاتب أو الأديب، وإنما دوره في الإبداع فقط، ولكننا نحتاج إلى حركة ترجمة أوسع لأن آخر ما وصل للغرب عن أدبنا هو نجيب محفوظ، وهذه مسئولية الدولة ودور النشر أيضا، ونجد أغلب الروايات التي يتم ترجمتها هي الصادارة عن دار الشروق لأن لديها العلاقات، ولكن هناك الكثير من الدور الأخرى الصغيرة التي تحتاج للدعم، وعلينا وضع نصوص أدبية لشباب الكتاب في مناهجنا التعليمية لتوصيل أدبنا للداخل قبل الخرج.
-حدثنا عن تجربتك مع دار ميريت؟
* بدايتى كانت مع ميريت، وعندما ذهبت اليها برواية كنت أقرأ لنجيب محفوظ ويحيى حقى، لكنهم نصحونى بالقراءة لشباب الكتاب، وكان الأمر مفيدًا جدا لى وتعرفت على الأساليب الجديدة والحديثة في الكتابة، وقمت بإلغاء روايتى الأولى، ثم كتبت "دار الغواية" ومازلت مع ميريت حتى الآن.