رئيس التحرير
عصام كامل

السيسي بين الحجاج والحلاج


دون أن يقسم الصحفى الكويتى أحمد الجار الله بالطلاق حتى يقنعنا أن المشير السيسى سيترشح للرئاسة، الكثير منا صار مقتنعا منذ أمد بعيد بأن الرجل هو الحاكم الفعلى لمصر وأن كل ما يحدث في الوطن ممهور بتوقيعه.... الواقع أن هذا الاقتناع والشعور وليدا غباء حكومى مبهر في حماقته سواء من حيث التعامل الأمنى مع بعض القضايا أو الأداء الاقتصادى العبثى لحكومة الببلاوى، يصاحب ذلك تبرير إعلامي فج لكل خطأ يقوم به النظام الحالى، مما ألصق بالرجل تهمة أنه المهيمن الأول على كل أمور الدولة وأن كل خطأ حتى لو فادح يجب غفرانه مكرمة للبطل الذي خلصنا من الإخوان! لذا شعر الكثيرون أن عملية ترشحه للرئاسة ليست إلا شرعنة لما هو قائم بالفعل!


ينظر البعض بعين الريبة للرجل مع تزايد الدعاية المضادة والسلبية له بداية من مواقع الإخوان الذين لا ينتمون للإخوان لكنهم يحترمونهم فقط ومرورا ببعض العاطلين من نشطاء التعايش الدولارى والقطرى على مهاجمة كل شىء حتى ولو كان مثاليا، ونهاية بالجزيرة في الدوحة وشقيقاتها في أنقرة وتونس وغيرها ممن تصور الرجل على أنه حجاج العصر!

الحجاج بن يوسف الثقفى ذلك الأسطورة في سفك الدماء وقتل الأبرياء وغير الأبرياء أيضا، صار هو الصورة الإعلاميه المراد استنساخها للمشير السيسى متزامنة مع تسطيح عقلى شديد يقتنع به الحمقى فقط مصورة الإخوان على أنهم شهداء كل العصور والأبرار الأبرياء الأنقياء المجاهدين والبائعين لأرواحهم مقابل حفظ الإسلام والحفاظ عليه من الكفار والملاحدة وأعداء الدين الذين صاروا كل من يعارض الطائفة الإخوانية أو حتى لا يتعاطف معها!

في المقابل نجد الكثير من منافقى كل العصور والمتعايشين على النفاق تماما مثل الحشرة المعروفة علميا بقملة القرش والتي تلتصق بجسده لتأكل المتساقط من بقاياه، تصور الرجل على أنه حلاج العصر والمتلحف بخرقة الصوفية زاهدا في الدنيا وما فيها وبائعا نفسه فقط فداء المساكين والمطحونين وأبناء الله والضعفاء والمساكين والمهمشين!

الواقع ضائع بين معسكرى الكذب، فلا الرجل حجاج ولا هو حلاج، الرجل لم يكسر عظام الناس مثل الحلاج الذي كان اسمه متوافقا مع فعله، وليس كل قمع لمظاهرة أو حتى تعامل أمنى معقول معها يكون بأمر السيسى، أليس هناك رئيس للجمهورية اسمه عدلى منصور؟! ورئيس للوزراء دائم الابتسام يمشى ملكا؟ ولا أدرى ما سر ابتسامته حتى الآن مع كل مصائبنا.

السيسى أيضا ليس هو الحلاج الذي يهب نفسه للدفاع عن الفقراء فيقتله العباسيون خشية من تأليب الفقراء عليهم، لم نر من الرجل هذا أو ذاك ولا ينبغى لنا أن نقبل يديه قائلين له، والنبى احكمنا وكمل جميلك علينا وعلى مصر، إن أراد الرجل التقدم للرئاسة فليفعلها ولننته من جو التشويق والإثارة الفارغ الذي نحياه مع أن حملات ترشح الرجل تعمل في كثير من المحافظات منذ شهور! الرئاسة لن تكون مغنما في ظل دولة منهارة اقتصاديا ينخر في عظامها الجهل ويعربد في طرقاتها الفقر ويعيث التطرف فسادا فيها ممزقا أشلاءها، من يحكم مصر فليتحمل تبعاتها.
الجريدة الرسمية