رئيس التحرير
عصام كامل

ساخرون.. رئيس و5 شباشب

فيتو

دخل رئيس الحزب المعارض المناضل المقاتل الاشتراكي الرأسمالي مع بعض، إحدى الشقق التي لا يميزها عن غيرها من بقية شقق العمارة المتهالكة غير يافطة صغيرة كتب عليها اسم الحزب «حزب المناضلين الأحرار الاشتراكيين الثوريين المكملين» ولكنه لاحظ أن اللوحة يعلوها التراب..

كان بصحبته أحد الصحفيين المعارضين اللوزعيين الذي أدخله بسرعة إلى مكتبه لينتظره ولم يدع له فرصه أن يلقى نظرة على محتوىات الشقة التي لم يكن بها غير مكتب توسط الصالة مع بعض الأرفف التي تناثرت عليها بعض الكتب والجرائد القديمة والجدران التي لم يكن يزينها إلا أيه الكرسي وبراويز أخرى عبارة عن مقصوصات من جرائد قديمة تشير لاسم الحزب تمت بروزتها بعناية وكأنها إشهار رسمي أن الحزب معترف به.

داخل إحدى الحجرات الجانبية لم يكن هناك إلا خمسة من أعضاء الحزب كانوا في سبات عميق كأنهم أهل الكهف لو نظرت إليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا، جميعهم من الأقاليم وهم من تفرقت بهم السبل فاتخذوا مقر الحزب سكنا وعملا، قام رئيسهم بإيقاظهم جميعهم وقال لهم: قوم يا ابني أنت وهو عشان نتصور.

الجملة الأخيرة عشان هنتصور هي إشارة متعارف عليها بينهم وهي لابد أن يرتدوا البدل الرسمية فتنابوا على دخول الحمام عشان يشيلوا الجلخ اللي لزق في جسمهم وهندموا ملابسهم وبالطبع لا يوجد دولاب فالكل قام بدق مسمار في الحائط وعلق عليه البدلة اليتيمة التي يملكها وقام بتغطيتها بورق جرائد حتى لا تتسخ وبالفعل ارتدوا البدل وراحوا عشان يتصوروا.

في هذه الأثناء والكل يستعد لذلك قام الصحفي وهو أيضا المصور -تخفيفًا للنفقات من الجريدة المعارضة- وقبل أن يجري الحوار مع رئيس الحزب بالتقاط مجموعة صور له في أوضاع مختلفة ونصح الصحفي بالتقاط الصور من إحدي الزوايا عشان «بروفيل» وشه بيبقى من الناحية دي أجمل ثم استأذنه لحظة خرج على إثرها وعاد بمصلية فرشها على الأرض فسأله الصحفي أنت ناوي تصلي قبل ما نعمل الحوار فقال له دول ركعتين على السريع استفتاح كدا وبالمرة تخدلي كام صورة كدا وأنا بصلي عشان إخوانا البعدة اللي بيتهمونا إن إحنا علمانيين، وبعد أن انتهى رئيس الحزب من الركعتين الاستفتاح واطمأن على جودة الصور بدأ الحوار الذي شرح فيه رئيس الحزب المبادئ العليا للحزب وأنه سيظل معارضًا لسياسات النظام.


لكن الصحفى أخبره أن مصر مرت بثورة على نظام فاشي وتحتاج تكاتف جميع الأحزاب للعبور من النفق الضيق فأكد رئيس الحزب وقال له لأ من الناحية دي أطمن احنا مش هنكون عقبة في طريق النظام الحالي فقال له الصحفي يعني أنت مش معترض على الدستور الجديد، بخضة قال رئيس الحزب: إحنا أبدًا نحن مع الدستور وسنحشد أنصارنا للتصويت بالموافقة على الدستور حتى نعبر إلى الأمام.

فباغته الصحفي وسأله طب إيه رأي معاليك في اللي بيقول إنكم أحزاب كرتونية ديكورية ولا يوجد إلا الإسلاميين هم من يمسكون بأطراف اللعبة حتى مع النظام الجديد.

حاول رئيس الحزب ترويض غضبه بابتسامة ماسخة وقال: من قال هذا وبأي دليل؟ فعاد الصحفي ليكمل الضرب في الميت وقال له دليلهم أنه رغم خلو الساحة من الحزب الوطني وحزب الإخوان لم يشاهد لكم دور في الشارع بالكاد المواطن العادي يعرف أسماؤكم.
وهنا أيقن الصحفي أن الضرب في الميت حرام بعد أن رأى لجلجة رئيس الحزب وعجزه عن الإجابة التي تهرب منه بأن قال له: شفت أنت نستني أهم حاجة نسيت أجبلك حاجة تشربها.. فخرج بسرعة ووجد فريق حزبه ما زالوا يرتدون البدلل ويتأنقون لالتقاط الصورة فأشار لواحد منهم وقال له بسرعة اعملنا قهوة وقبل أن يدخل الحجرة لاحظ أنههم يرتدون البدل ولكنهم ما زالوا لابسين شباشب فقال هتتصوروا بشباشب يا جزم أنا مش جايب لكم طقم جزم الأسبوع اللي فات خشوا ألبسوها بسرعة!!

وعاد للصحفي بعد أن أخذ نفسًا عميقًا وقرر مواجهته بحجة قوية وقال له يا أستاذ إحنا لينا جماهيرية والشارع يعرف كويس إحنا مين، الحياة السياسية مش بس إسلاميين وحزب وطني اللي انحل، احنا كمان معروفين. فابتسم الصحفي وقال في تحد أنا ممكن انزل مع حضرتك الشارع ونسأل أي حد تختاره لو كان يعرف خمسة أحزاب غير الإسلاميين ولو جاوب صح هقدم لمعاليك اعتذار رسمي.

تنحنح رئيس الحزب وحاول يفك الكرافتة شوية لأنه حس بخنقة لم ينقذه منها غير تتابع دخول أعضاء الحزب اللي اتلفوا حولين رئيس الحزب عشان الصورة المجمعة إلا إن الصحفي لاحظ أنهم يرتدون البدل على الشباشب وهنا مال رئيس الحزب برأسه على كبيرهم وقال لهم أنا مش قلتلهم يلبسوا الجزم ولاد.. فقال له كبيرهم يا بيه الجزم دابت وأنت بتقول جايب جزم الأسبوع اللي فات دي كانت السنة اللي فاتت يا بيبه وكل أسبوع بنفكرك وتقولنا حاضر والناس بقالها خمس شهور مقبضتش ولا مليم وكل يوم تتحجج بالدعم اللي جاي ومبيجيش ارحمنا بقى، وعادوا جميعا للابتسام لعدسة الصحفي..

وفي الغد ذهب رئيس الحزب إلى المحكمة لرفع قضية على الصحفي بعد أن قام بنشر صورة تسيء للحزب ليس بها سوى رأس رئيس الحزب وبجوارها خمسة شباشب!!
الجريدة الرسمية