رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو والصور.. مأساة بائعي «سور الأزبكية».. بوابة «السادات» للثقافة.. «المعزول» لم يسأل فيهم.. الدولة تتجاهلهم.. معرض الكتاب «فرحة ما تمت».. والاضطرابات السي

فيتو

العاشقون للفنون والثقافة والتراث من يعرفون قيمة سور الأزبكية، فهو كما وصفه البعض جامعة الفقراء، وطريق المثقفين الغلابة، فتجد التاريخ القديم بين يديك بأرخص الأسعار.


شباب وشيوخ عشاق للتنوير والتثقيف، أكثر منه بحثًا عن الربح، لكن سرعان ما وجدوا أنفسهم في مصاف المذنبين المتهمين بتزوير الكتب، وهو ما حملهم أعباء إضافية، بخلاف التي يحملونها من تجاهل المسئولين، وعزوف الناس عن القراءة، كما جعلهم هدفا لشرطة المصنفات.

معرض الكتاب كان طريقهم لتحقيق حلمهم السنوي، من جني المكاسب التي تسد احتياجاتهم، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، وتسببت الإضرابات السياسية في انخفاض الوافدين.. "فيتو" عاشت معاناتهم لتتعرف عن قرب عما يدور في أذهانهم.

قال عبد العظيم عُمر أعمل في السور منذ 18 سنة، والإقبال هذا العام أضعف بكثير من السنوات السابقة، مؤكدًا أن "المعرض في النازل"، رغم كونه مكانا للعلم والثقافة، مُبررًا سبب التراجع بالأحداث السياسية، وأضاف: يعد التكثيف الأمني من أكثر المشكلات.

وذكر أن قيمة المشاركة في المعرض مرتفعة للغاية، مع تقليل المساحات، خاصة أن هناك توجها من معرض الكتاب لمنع مشاركة سور الأزبكية في المعرض، كما نفى عُمر حصولهم على دعم من قِبل وزير الثقافة، مُشيرًا إلى أن سور الأزبكية أصبح في طي النسيان لدى المواطنين، وهو ما جعل هناك توجه لبيع الكتب الجديدة.

وعن دعم الدولة لهم استنكر عُمر تجاهل الدولة، مُشيرًا إلى أن سور الأزبكية اقترب من الاضمحلال؛ بسبب ضيق المكان الذي لا يليق به كونه منفذا للعلم والثقافة.

وطالب المسئولين بنقلهم لمكان يليق بما يقدمونه من علم وثقافة وتنوير أسوة بالدول الغربية، التي تتواجد فيها الكتب القديمة بميدان عام، وهو يعد دليلا واضحا على إهمال الدولة للثقافة والعلم، ويتعارض مع ما تطلقه من شعارات، رغم قيام ثورتين تنادي بالحرية، وتدعم الفكر والديمقراطية.

فيما قال محمد صادق بائع كتب قديمة، 35 سنة، إنه ورث مهنة بيع الكتب القديمة بسور الازبكية أبًا عن جد، منذ كان اسمها الوراقين، مؤكدًا أن مهنته تختلف تمامًا عن الآخرين؛ فهي تعد رسالة، مُشيرًا إلى أن الإرهاب أثّر كثيرًا على توافد المواطنين إلى المعرض، بالإضافة للوضع الاقتصادي المتردي.

وأضاف صادق أن الثقافة والكتاب لا يُعتبران جزءا أساسيا في حياة الإنسان الآن، خاصة مع الاهتمام بالأكل والملبس، والخوف من المستقبل، هذا وقد أغنت شبكة الإنترنت والكتب الإلكترونية عن شراء الكتب الورقية، رغم أن ذلك لا يُغني عن الكتب، فهي تقدم قشور المعلومات.

وقال بالرغم من أن توافد المواطنين المصريين وغيرهم إلى المعرض يُقاس بمدى إقبالهم على سور الأزبكية؛ كون كتبهم رخيصة، إلا أن مسئولي الهيئة تجاهلوهم، مما جعلهم يعانون ارتفاع تكاليف المشاركة بالمعرض، والمواد المُقام بها الخيمات، ومع كل هذا العائد من المعرض لا يضاهي ما يتوقعونه.

وأشار صادق إلى أن الاتجاه لبيع الكتب الجديدة بما يخالف مبدأ سور الأزبكية التي تتميز بكتب التراث؛ يرجع للرغبة في المكسب السريع، لكن هذا لا ينطبق على كل بائعي سور الأزبكية بل مجموعة فقط، والآخرون لا يستطيعون تغيير جلدهم، "وأنا أمتلك تراث مصر من 100 عام"؛ كمحاولة لتثقيف الناس، وتنبيههم لتاريخ مصر القديم على مر السنوات الماضية.

وطالب بدعم المسئولين لهم؛ حتى يستكملوا مسيرة التثقيف، مُضيفًا أن الحديث عن دعم وزير الثقافة لهم يعد "كذبة ابريل"، وما حصلوا عليه هو دعم بالكلام فقط، وأضاف أن انخفاض أسعار كتب الهيئة العامة للكتاب يهدف للقضاء على سور الأزبكية، إلى جانب اتهامهم بالبيع في الشارع والعراء، وذكر أن السادات تثقف من خلال سور الأزبكية، وهو ما كتبه في مذكراته.

واختتم قائلا: الهيئة العامة للكتاب لا تتخطى كونها "هيئة للنظافة".

هذا وقال محمود عامر صادق: أعمل في المهنة منذ 25 سنة، وأشار إلى أن المعزول محمد مرسي وعد العام الماضي بافتتاح سور الأزبكية بمعرض الكتاب، ولم" يسأل فينا"، وذكر أن ضعف الإقبال والتجهيزات الخاصة بسور الأزبكية يعد من مشكلات معرض هذا العام.

إلى جانب ارتفاع تكاليف المشاركة في المعرض بشكل متواصل، وقال إن الكتب الحديثة المعروضة في سور الأزبكية أغلبها مطبوعة ومزورة، وهو ما غيّر من طابع السور، وأضاف أن الوزير قدم الدعم لبعض الأشخاص وليس للجميع، خاصة أنهم يتعاملون مع سور الأزبكية كونه "غير موجود"، على الرغم من أن السور يحتوي على التراث، وجميع الكتب القديمة، ويزوره الباشا والبواب.

واختتم مطالبًا المسئولين بالاهتمام بعارضي سور الأزبكية؛ اقتداءً بما تفعله الدول العربية الأخرى.
الجريدة الرسمية