انقلاب في الإخوان.. «أردوغان» يطيح بـ«إخوان القاهرة».. تعديلات «الشورى العام» تنهى أسطورة «المرشد المصرى».. «إخوان الأردن» توافق على دعم «الإرهاب
>> «الغنوشى» زعيما للتنظيم ونقل المقر الرئيسى لتركيا
>> مجلس حكماء للاختيار بين «العوا» و«أبو الفتوح» لخلافة «المعزول»
يبدو أن الأيام القليلة الماضية شهدت انقلابا ناعما داخل التنظيم الدولي للإخوان، يحمل في طياته إقصاء واضحا لإخوان مصر، وهو الانقلاب الذي أطاح بإخوان مصر من قمة الهرم التنظيمي للتنظيم العالمي للجماعة الذي ظل إخوان مصر مسيطرين عليه منذ إنشاء التنظيم عام 1982 على يد الحاج مصطفى مشهور المرشد العام الأسبق للجماعة، وهو انقلاب ناعم بالمعنى الكامل، خاصة أن أسلوب إقراره جاء في العلن حماية لإخوان مصر، وفي باطنه إقصاء تاريخي لهم.
هذا الانقلاب وُضعت لبناته في اجتماع عُقد الأسبوع الماضي في مدينة أنقرة التركية، وكان من أهم نتائجه تسمية مرشد عام مؤقت للتنظيم الدولي للجماعة وتعديل لائحة التنظيم لتسمح بذلك، وفي التفاصيل دوما ما تكمن شفرات حل الألغاز متشابكة الأطراف.
«هنا أنقرة»
يظل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الحاكم بأمره داخل التنظيم الدولي للإخوان، فالرجل ترك اعتصامات واحتجاجات تركيا وتفرغ لإدارة الملف المصري، فقد دعا أردوغان لاجتماع عاجل جديد لقادة التنظيم العالمي للإخوان لبحث أمرين؛ هما تعديل اللائحة الداخلية للتنظيم وتطورات الأوضاع في مصر، وبالفعل شهدت مدينة «أنقرة» التركية اجتماعا الأسبوع الماضي ضم العديد من قادة التنظيم على رأسهم أردوغان وراشد الغنوشي ومحمود عزت وهمام سعيد وقيادات أخرى من إخوان أمريكا والعراق وحماس.
تعديل اللائحة
اتفق المجتمعون فيما بينهم على ضرورة تعديل اللائحة الداخلية للتنظيم الدولي للإخوان، وأدخلوا تغييرات جذرية على اللائحة.
وتم إدخال تعديل على تلك المواد التي تنص على أن المقر الرئيسي للتنظيم في مصر، وأن يكون المرشد مصريا، وأن الذي يختاره مكتب الإرشاد الذي ينتخبه مجلس الشورى العام للجماعة.
وقد نصت التعديلات على زيادة عدد أعضاء مجلس الشورى العام، فوفقا لآخر لائحة كان عددهم 106 أعضاء، وبدلا من ذلك تم تغيير المسمى إلى «مجلس شورى التنظيم العالمي» ونص التعديل على أن يكون عدد أعضائه 215 عضوا، مقسمين كالتالي: 106 عضوا من إخوان مصر، و109 عضوا من إخوان العالم، بحيث يكون المراقب العام لإخوان كل دولة عضوا بالمجلس الجديد.
وتم في التعديل حذف تحديد جنسية المرشد العام ليصبح البند الجديد ينص على: «يختار مكتب الإرشاد العالمي المرشد العام للتنظيم من بين أعضاء المكتب أيا كانت جنسيته».
المادة الخاصة بشروط تشكيل مكتب الإرشاد العالمي لم تنجُ هي الأخرى من التعديل، فوفقا للتعديل الذي أدخل عليها بات عدد أعضاء المكتب 32 عضوا بدلا من 20، من بينهم 16 عضوا من مصر و16 آخرين مقسمين بين بقية الأقطار أعضاء التنظيم، بعدما كان عدد الأعضاء 20 بينهم 16 من مصر وحدها، و4 ممثلين لبقية الأقطار.
ونصت التعديلات كذلك على أن مكتب الإرشاد ينعقد بأي عدد متاح من أعضائه طالما كان الحضور أكثر من 3 أعضاء، فيما عدا الاجتماعات التي يترتب عليها قرارات مصيرية مثل الانتخابات وغيرها، ففي هذه الحالة يشترط أن يكون عدد الحاضرين 16 عضوا على الأقل.
الخطير في الأمر أن التعديلات الجديدة طالت أيضا دولة المقر الرئيسي للتنظيم، فبعد أن كانت «مصر» هي دولة المقر تم إدخال تعديل جديد يقضي بنقل المكتب الرئيسي للجماعة إلى «تركيا».
تشكيل هيئة مكتب
أقر المجتمعون في أنقرة كذلك تشكيل هيئة مكتب للتنظيم الدولي برئاسة راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية، وتضم الهيئة كذلك في عضويتها الدكتور محمود عزت نائب المرشد العام للجماعة، والدكتور إبراهيم منير، وممثل عن إخوان تركيا والدكتور عبد المجيد الزنداني زعيم الجماعة في اليمن، وهشام الطالب وهو أمريكي من أصل عراقي، والدكتور همام سعيد المراقب العام لإخوان الأردن، وتم الاتفاق على أن تكون هذه الهيئة مؤقتة لحين انتخاب مكتب إرشاد جديد نظرا لأن مكتب الإرشاد الحالي أعضاؤه إما مسجونون في مصر أو هاربون.
«عزت وحسين»
المثير في الأمر أن الغنوشي وأردوغان قاما بانتزاع هذه التعديلات رغما عن أنف قادة الجماعة في مصر وعلى رأسهم الدكتور محمود عزت الذي حضر الاجتماع بهيئته الجديدة –قام بصبغ شعره بالحناء وحلق لحيته وأطلق شاربه- وكان رافضا للأمر برمته، في حين رفض الدكتور محمود حسين الأمين العام للجماعة حضور الاجتماع لاعتراضه على تغيير اللائحة الداخلية للتنظيم.
«إقرار خطة التحرك»
بعد اعتماد تعديل بعض بنود اللائحة سرد راشد الغنوشي على المجتمعين ما اسماه بخطة التحرك في مصر في المرحلة المقبلة.
وقال الغنوشي أنه أجرى اتفاقا مع رجب طيب أردوغان والمسئولين في قطر والرئيس السوداني عمر البشير وحكومة حماس في فلسطين وقيادي بتنظيم القاعدة على خطة التحرك التي سيتم اعتمادها في مصر خلال الأيام المقبلة، ونص الاتفاق على تكثيف الدعم المادي للإخوان في مصر للوصول لهدف التنظيم، وقال الغنوشي إن التنظيم يجب أن يخوض معركتين في مصر، لا تقل أي منهما على الأخرى.
معركة إسقاط السيسي
أبلغ «الغنوشي» أعضاء التنظيم المجتمعين أن الهدف الأسمى للإخوان حاليا يتلخص في ضرورة العمل على إسقاط أسطورة المشير عبد الفتاح السيسي، وأنه من أجل هذا الهدف استطاع الحصول على 40 مليون دولار -ما يوازي 290 مليون جنيه- لشن حملة داخل مصر وخارجها ضد السيسي.
وقال الغنوشي إن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أبلغه أنه استطاع الاتفاق مع بعض الصحف البريطانية والأمريكية مثل «نيويورك تايمز» و«جارديان» و«وول ستريت جورنال» على تخصيص صفحات للدعاية ضد السيسي على أن يكون ذلك في صورة مقالات وحوارات وتحليلات صحفية، ويتكلف أردوغان بسداد فاتورة ذلك.
الاتفاق على مرشح إخواني
على جانب آخر حاول الغنوشي ورفاقه الاتفاق على مرشح واحد من بين ثلاثة هم الفريق سامي عنان والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والدكتور محمد سليم العوا.
وهنا تدخل الدكتور محمود عزت الذي قال للمجتمعين إن هناك خلافا حادا بين أبو الفتوح والعوا حول الأحق منهم بالترشح للرئاسة.
وحينما تحدث المجتمعون ووضح ميل معظمهم لخوض الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لمعركة الانتخابات الرئاسية تدخل «عزت» مجددا وقال إن أعضاء الجماعة بمصر يميلون لاختيار الدكتور سليم العوا، وأن فرص نجاحه ستكون أكبر من أبو الفتوح، خاصة إذا تم الإنفاق عليه ببذخ.
مجلس حكماء
اتخذ المجتمعون قرارا آخر بتشكيل مجلس حكماء تكون مهمته الالتقاء بكل من الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والدكتور محمد سليم العوا كل منهما على حدة، ليختار هذا المجلس أحدهما لخوض الانتخابات الرئاسية، على أن ينسحب الآخر في هدوء ويوجه جهده لدعم الذي وقع عليه الاختيار.
واتخذ المجتمعون كذلك قرارا بعدم تحديد سقف لميزانية الجماعة التي ستنفقها على مرشحها في انتخابات الرئاسة لتكون الميزانية «مفتوحة»، واتفق على أن يمول الحملة الدعائية للمرشح إخوان أمريكا وألمانيا وتركيا وتونس والكويت والأردن إضافة إلى قطر.
الاستعانة بالإعلام
اتفق المجتمعون كذلك على ضرورة تأجير قنوات تليفزيونية وشراء صحف من الباطن، وشراء ذمم الفاعلين في الإعلام المصري واستهداف المنابر الإعلامية التي تقف ضد الإخوان للدفاع عن حق الجماعة في الوجود.
وأبلغ «عزت» المجتمعين أن الجماعة في مصر قامت بالتواصل مع بعض الإعلاميين، وأن هناك مقدمات جيدة من جانب بعضهم.
وأبلغهم أيضا أن الجماعة نجحت في اختراق بعض حملات السيسي عبر بعض أصدقائها، ومنهم رجل أعمال مشارك حاليا في إحدى الحملات الداعمة للسيسي.
الدعم البشري
وفي الاجتماع تلا «عزت» تقريرا أعده عن الحالة التنظيمية للإخوان في مصر قال فيه إن أعضاء التنظيم في مصر أصيبوا بحالة من الإحباط ولزموا بيوتهم، ولا يريدون التحرك، ومن يتحركون حاليا هم أعضاء النظام الخاص بالجماعة.
وقال عزت إن إخوان مصر يحتاجون حاليا لجهد بشري مدني ليس عسكريا، بمعنى أن تدخل شخصيات لمصر للاشتراك في المظاهرات والفعاليات السلمية وللدعاية لمرشح الجماعة في الانتخابات الرئاسية، على أن يتم استخراج بطاقات رقم قومي لهؤلاء عن طريق ماكينات طباعة بطاقات الرقم القومي التي استطاعت الجماعة سرقة 3 منها.
وأبدى إخوان الأردن وحماس استعدادهم دعم مصر بأعداد من البشر لممارسة الأنشطة المدنية في حدود 3 آلاف شخص، على أن يتم الاتفاق مع تنظيم القاعدة على توجيه عدد من أفراده المتواجدين في مصر للعمل في نطاق المظاهرات والمسيرات الإخوانية بدلا من حمل السلاح أثناء بدء حملة الدعاية في الانتخابات الرئاسية.
وتم الاشتراط أن يجيد هؤلاء اللهجة المصرية حتى لا يتم كشفهم، وعلى أن يتم الدفع بهم في المحافظات ذات اللكنات الخاصة مثل محافظات الصعيد ومطروح وكفر الشيخ وسيناء.
واقترح راشد الغنوشي كذلك أن يتم توجيه إخوان مصر المتواجدين في الخارج، سواء في أمريكا أو بريطانيا أو دول الخليج للسفر لمصر بعد حصولهم على إجازات من مكاتب عملهم لمساندة التنظيم في مصر في الجانب الدعائي، وقدرت أعداد هؤلاء بـ10 آلاف عضو بالإضافة إلى أسرهم.
"نقلا عن العدد الورقي"