الرئيس المنتخَب والرئيس المنقلِب
ًانقلب الرئيس على ناخبيه، ولست منهم، فلم يعد رئيساً منتخباً، وبات رئيساً منقلباً، والفارق بين الرئيس المنتخب، والرئيس المنقلب لا يمكن اختزاله فى المسافة بين السماء والأرض، فالمسافة أكثر اتساعاً، فالأول هو من انتخبه الشعب توسماً فيه بأنه المنقذ، بينما الثانى هو من أضاع القسم، وحنث به والتف على ناخبيه، وأعطاهم ظهره، ومنح أتباعه أو عصابته وجهه، دون النظر إلى العقد المبرم بينه وبين الجماهير.
الرئيس المنقلب هو من حصل على ثقة الناس، فخان الأمانة، ومرسى خان الأمانة، وضرب بالعقد المبرم بينه وبين الجماهير عرض الحائط.
وإذا كانت المادة ٣٤١ من قانون العقوبات قد حددت ملامح جريمة خيانة الأمانة، وتطرقت إلى حدودها وتعريفها بأنها استلام أشياء عارية الاستخدام، مثل: إيجار سيارة أو استلام إيصال أمانة أو ماكينة رى مثلاً، ولم تتطرق إلى من يتسلم وطناً وبالتالى، فإن من يتسلم وطناً، ويغدر به ويقسمه، ويدفع أهله للتطاحن، والتقاتل ويمضى به إلى سكة الاستعمار، ليس خائناً للأمانة بل هو مفرط فى حق نفسه وفى حق من انتخبه، رغم تسلمه وطناً على ناصية بحرية، كما قال المبدع هانى رمزى فى فيلمه الرائع "عايز حقى".
وأحسب أننا بحاجة إلى وضع قانون جديد لاستلام الأوطان، ننص فيه على تجريم من يختطف وطناً بعد التسليم بإرادة الناس، ولتكن عقوبة المختطف فى هذه الحالة، تجريده من وطنيته، فيصبح مواطناً «بدون»أى بدون جنسية، ونظن أنه لابد أن ينص القانون الجديد على أن الرئيس المنتخب إذا ما حدّث وكذب ووعد وأخلف، فإنه يصبح أيضاً «بدون»، فإن مضت خمس سنوات، سقطت عنه الجريمة الأم وتحول من مواطن «بدون» إلى رئيس منقلب.
وفى حال تطبيق القانون الجديد على محمد مرسى؛ سيثبت الشعب أنه حدث فكذب ووعد فأخلف، وانقلب على شروط العقد بينه وبين الشعب، الذى وقع له على عقد تسليم مصر، فخطفها إلى نفس مساحة التبعية السياسية والاقتصادية لأعداء مصر، ذهب إلى صندوق النقد، كما فعل مبارك، وسلمها تسليم أهالى لواشنطن، مثلما فعل مبارك، ووافق على تركيب أجهزة تنصت على حدودنا، رفضها مبارك لسنوات، وركع أمام رغبات إسرائيل، مثلما لم يفعل من قبل مبارك، وقال إنه سيكون رئيساً لكل المصريين، وأصبح بقدرة قادر رئيساً لعصابة الإخوان، وقال إنه سيحقق للمصريين العيش، فمات الناس فى الطوابير، كما كان يحدث من قبل، وقال إنه سيحقق العدالة الاجتماعية، ففسرها بأنها عدالة بين أهل الثقة دون الخبرة، وقال إنه سيحقق الحرية؛ فسحل المواطنين وقتلهم على أعتاب قصره.
كل جرائم مرسى مسجلة بالصوت والصورة، ولن يستطيع محاموه أن يهربوا أو ينكروا أن مرسى سقط فى مستنقع الإخلال بالعقد المبرم بينه وبين الشعب، وبذلك سيكون الحكم عليه هو وعصابته بإسقاط وصف "منتخبين"،" ليصبحوا منقلبين" ولا أعرف حتى تاريخه، هل يمكن محاكمة جماعة بأكملها على جريمة الانقلاب من عدمه، لكنى على يقين أن اختطاف وطن أهم بكثير من استئجار سيارة، وعدم إعادتها، إذ إن اختطاف وطن، وتضليل أمة لابد أن يكون أهم من استئجار ماكينة رى وعدم إعادتها إلى صاحبها.