رئيس التحرير
عصام كامل

«استقيلوا» يرحمكم الله


"مصر خلاص انتهت، معقولة ثلاث سنوات وهذه حالتكم من سيئ إلى أسوأ وللحين تقولون أم الدنيا وشعب عظيم".. عبارة صفعتني كما غيري حين قالها شاب عربي صغير في نقاش عابر وسريع. تأملت بعدها الحال فإذا بسيل من الأخبار المحبطة. 

أولها صور وفيديو صحيفة "الوطن" حول منفذي تفجير مديرية أمن القاهرة ممن قضوا الليل يتجولون بالسيارات المفخخة في محيط المديرية دون مساءلة، هذه الفاجعة وحدها تستوجب استقالة الحكومة كلها، لكن مجلس الوزراء "غير المبالي" جدد الثقة في وزير الداخلية بدلا من إقالته ومعه قيادات الوزارة، مبررا بعدم "وجود جهاز أمني محصن تماما ويجب ألا يسيطر علينا الإحباط، لأن الداخلية توجه ضربات موجعة للإرهابيين". 

فكرت قليلا في بيان مجلس الوزراء، فوجدت أن الضربات الموجعة تتلقاها الأجهزة الأمنية في مقراتها ومعداتها وأرواح المنتمين إليها.. نعرف أن النجاح الأمني يترجم بمنع الجريمة قبل وقوعها والقضاء على الإرهاب، لكن واقع الحال أن الأجهزة الأمنية لا تتحرك إلا بعد وقوع المصيبة ثم تسترخي. 

وفي مسار الخلل الحكومي، باتت الجامعات بؤر إجرام ورعب واستهزاء بالسلطة، ومع هذا يرفض نائب رئيس الوزراء عودة الحرس إلى الحرم الجامعي، وفي الوقت نفسه لا يطرح بديلا يردع المنتمين للإخوان ويفرض احترام الدولة، وبتنا لا نعرف إن كان مع مصلحة البلد أم ضدها.. فإذا أماكن العلم فقدت الهيبة والقدسية فلماذا تبقى الحكومة ؟!.

فشل ذريع لوزارة الموارد المائية والري في المفاوضات مع إثيوبيا، لدرجة أن السودان باتت ضد مصر، ولا أدري صراحة ماذا قدم جهابزة الملف المصري، حتى دخلنا عصر الفقر المائي ومنسوب الماء أمام السد العالي آخذا في الانخفاض ولا أحد يحرك ساكنا!!.

ولا يقل العجز في وزارة الخارجية التي لم تستطع حتى الآن تغيير الانطباع الذي روجه "الإخوان المجرمون" عن مصر بعد عزل مرسي. كما لم تتمكن من ردع دويلة قطر التي تجاوزت كل الحدود في التطاول والتحريض والتدخل في الشأن المصري. وبدلا من طرد السفير وقطع العلاقات مع بلده تحتج الخارجية برسالة.. فكيف يكون الحال إزاء "الشيطان الأكبر" أمريكا التي تتدخل في جميع شئوننا إذا كنا عاجزين عن ردع الصغار؟!

"خطايا" الإعلام الرسمي يندى لها الجبين، بين بث مواد تتعارض مع مصلحة الدولة، ومفردات وتعليقات تثبت أن الخلايا الإخوانية في التلفزة الرسمية ليست نائمة بل تتحرك كما تريد وتجند من تشاء. وتكتمل الفضيحة الإعلامية بالرعونة الصحافية لوكالة الأنباء الرسمية، التي بثت للعالم كله بيانا منسوبا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة أساءت به للجيش وقادته، حيث تلقفه بالتأويل والتنديد أنصار "الجماعة الإرهابية" وقادة المؤامرة على مصر، كما استغله "الكومبارسية" الطامحون إلى السلطة، في انتقاد وتحذير الجيش المصري من التدخل في الشأن السياسي.. وانتظرنا أن تتحرك حكومة الببلاوي، لكن لا حياة لمن تنادي!

ولا تنتهي النكسة الحكومية عند هذا الحد، بل توالى انقطاع الكهرباء في وضح النهار وعز البرد، بمعنى عدم وجود أحمال زائدة ولا تعرف الحكومة السبب، حتى تردد أن وراء الأمر "فلول الإخوان" فأين الحكومة من تطهير الوزارات والهيئات الحكومية من "الإرهابيين"؟! 

عندما شكل الببلاوي الحكومة قيل إن هناك وزارة عدالة انتقالية، لكن وزيرها غائب تماما عن السمع والنظر، ولا نعرف شيئا عن عمله أو وزارته، فهل يستحق البقاء؟!.

أظهرت تقارير السياحة أن عام 2013 الأسوأ في تاريخ السياحة المصرية لناحية الإيرادات وأعداد السائحين، فما خطط الحكومة لاستعادة ثقة السائح ومواجهة الإعلام المضاد لمصر؟!

نالت حكومة الببلاوي ما لم تنله سواها من مليارات الدعم السعودي والإماراتي والكويتي، ومع هذا لم تحافظ على الاحتياطي من النقد الأجنبي أو حتى قيمة الجنيه المصري، الذي تراجع لأدنى مستوى أمام الدولار خلال الأيام الماضية... إذن العجز والفشل قرين الحكومة في جميع الملفات، فلما لا ترحمونا وتستقيلوا حتى يرحمكم الله؟.
الجريدة الرسمية