رئيس التحرير
عصام كامل

جرائم "مرسى" فى الطريق لـ"الجنائية الدولية".. إبراهيم: نجهز لمقاضاته دوليًّا.. منصور: واقعة "حمادة" كفيلة بمحاكمته.. أبو سعدة: أمريكا لن تسمح.. يسرى: إحالته للجنائية غير قانونى

سحل متظاهر الاتحادية
سحل متظاهر الاتحادية

فتحت تهديدات بعض المراكز الحقوقية بإقامة دعوة أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس محمد مرسى بعد أن زادت الممارسات القمعية بالسحل والتحرش والتعذيب، انتهاءً بالقتل للعديد من الثوار فى عهده, دونما أن تكون هناك أى إجراءات حاسمة يتم اتخاذها للتحقيق فى هذه الوقائع، جدلًا واسعًا بين خبراء القانون وحقوق الإنسان، فبينما وجد البعض منهم أن ما ارتكبه الإخوان المسلمين ممثلين فى الرئيس مرسى فى حق المصريين من جرائم كفيل باللجوء للجنائية الدولية لمحاكمتهم على تلك الجرائم، وجد آخرون أن هذه التهديدات غير قانونية، خاصة وأن مصر غير موقعة على اتفاقية روما التى بمقتضاها يحق لمواطنيها اللجوء للجنائية الدولية لمحاسبة مسئوليهم على جرائمهم.  

الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مركز ابن خلدون، أكد أن المركز سيتقدم ببلاغ للمحكمة الجنائية الدولية فى العديد من الجرائم التى ارتكبت ضد الشعب المصرى خلال الفترة الأخيرة, وكان آخرها واقعة سحل المواطن "حمادة صابر" أمام قصر الاتحادية, مضيفًا: إن المركز لا يميل للروتين المعتاد, دونما النظر لما يبيحه القانون من عدمه.
وقال سعد الدين: "إننا نقوم بما يتفق مع الأخلاق وحقوق الإنسان", مؤكدًا أن المحكمة الجنائية الدولية فى روما تشترط لتقديم هذا البلاغ ضرورة استنفاد كافة المراحل الخاصة بالتقاضى داخل البلد صاحبة المشكلة, وإذا لم نجد من يستمع لنا فإننا نلجأ للمحكمة الجنائية الدولية.
وأشار سعد الدين إلى أن المركز تقدم ببلاغ للنيابة العامة وللمحكمة الدستورية, قائلًا: سنلجأ للمحكمة الأفريقية ثم الدولية؛ لأن مصر موقعة على ميثاق المحكمة الجنائية الأفريقية, وإن الرئيس عمر البشير تمت محاكمته على مثل هذه الجرائم لدرجة أنه لا يستطيع بسبب هذا القرار أن يسافر لأى بلد حتى لا يتم القبض عليه وتسليمه للإنتربول، لذلك يسافر للدول العربية ومصر فقط, والوقائع التى شهدتها مصر فى الفترة الأخيرة سواء فى الاتحادية أو محمد محمود أو التحرير، يمكن أن تصل بالرئيس مرسى إلى المحكمة الدولية.
وقال سعد الدين: "نحن نفعل ما علينا، ولو حسبناها بالروتين لن نفعل شيئًا، خاصة أن الدنيا شاهدت هذه الأحداث".  
أما المستشار مرتضى منصور، المحامى بالنقض، فقد أكد أن واقعة سحل المواطن حمادة صابر أمام الاتحادية ونزع ملابسه بشكل كامل, وإهدار كرامته، تعطى الحق للأشخاص والجمعيات والمراكز الحقوقية فى تقديم بلاغ للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة رئيس الدولة, مشيرًا إلى أن المحكمة سبق وأن حاكمت عمر البشير بجرائم أقل من ذلك.  
وأضاف منصور: إن الرئيس محمد مرسى مدان فى تلك الوقائع لسببين؛ أولهما: سياسى؛ باعتباره رئيس الدولة المسئول مثله مثل البشير، وهناك مسئولية جنائية وهى ظهوره فى خطابه للشرطة للتعامل مع المتظاهرين بالعنف، وهذه مسألة جنائية. منصور أشار إلى أن إجراءات القضية تبدأ بتجميع الأدلة والتصوير لوقائع السحل، وتقديم ملف بها للمحكمة الدولية للمطالبة بالتحقيق فيها.  
أما الدكتور سمير صبرى، المحامى بالنقض، فقال: إن القانون الدولى يعطى الحق للجمعيات والمراكز الحقوقية ومراكز حقوق الإنسان فى تقديم بلاغ للمحكمة الدولية الجنائية للتحقيق فى أى بلاغ عن انتهاكات تقع داخل الدولة التابعة لها.  
وقال صبرى: هناك شروط لا بد من توافرها فى تقديم البلاغ والتحقيق فيه، وهو موافقة الدول الخمسة الدائمة العضوية بمجلس الأمن، وهذا أمر مشكوك فيه؛ لارتباط هذه الدول بمصالح مع الدولة أو مع النظام, مؤكدًا أن هناك خطوات متبعة فى هذا المجال تبدأ بإعداد ملف كامل مصور وموثق بكل الأحداث، سواء كانت صورًا ضوئية أو فيديوهات مصورة للأحداث, ويرفق بالبلاغ طلب تحقيق واقعة ارتكاب جرائم حرب أو ضد الإنسانية.  
وقال: إن واقعة المواطن "حمادة صابر" أمام قصر الاتحادية تكفى وحدها لتقديم البلاغ للمحكمة الجنائية الدولية، مع الأخذ فى الاعتبار إرفاق صور الانتهاكات التى حدثت أمام الاتحادية ومدينة الإنتاج الإعلامى؛ لتدعيم موقف البلاغ للإحالة للمحكمة الدولية, مضيفًا: إن تقدم مركز ابن خلدون للمحكمة الدولية للتحقيق إجراء قانونى سليم ضد رئيس الجمهورية باعتباره المسئول عن ذلك.
فى حين خالف حافظ أبوسعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ذلك قائلًا: "إن انتهاكات الرئيس محمد مرسى من الناحية القانونية لا ترقى بأن تتم إحالتها لمحكمة الجنايات الدولية, مضيفًا: إن محكمة الجنايات الدولية تحقق فى القضايا الجسيمة، مثل أحداث "دارفور" التى قتل خلالها 400 ألف شخص، وتم تحويل عمر البشير خلالها لمحكمة الجنايات الدولية.  
وأشار أبو سعدة إلى أن الجنايات الدولية لا تهتم بالحوادث الفردية، لكن فى حالة وجود حدث جسيم من الممكن أن نلجأ إلى ذلك, بالرغم من أن مصر غير مصدقة على اتفاقية روما.  
وقال "حافظ": إن الإخوان فى مصر ما زالوا يتمتعون بتأييد كبير لدى الولايات المتحدة الأمريكية، ويتضح ذلك خلال التصريحات المستمرة لوزارة الخارجية الأمريكية, وهو ما يعد عائقًا أمام مجلس الأمن لتحويل القضية للمحكمة الجنائية الدولية.
أما السفير إبراهيم يسرى، مساعد وزير الخارجية ومدير إدارة القانون الدولى والمعاهدات الدولية الأسبق، فقال: "إن المطالبات بمحاكمة الرئيس محمد مرسى أمام محكمة الجنايات الدولية "دعاية وكلام جرائد"، وليس لها واقع من القانون؛ لأن مصر غير موقعة على الاتفاقية.
وأكد يسرى أن وزير الخارجية السابق نبيل العربى شكل لجنة فى يناير 2012 لدراسة وإعداد انضمام مصر إلى النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية، وإزالة أى لبس فى تعارض نصوص الاتفاقية مع الدستور المصرى, مشيرًا إلى أن مبارك اعتمد فى حكمه على الدولة الشمولية التى تخشى الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية خشية تعرضه هو وكبار المسئولين فى نظامه العسكرى والأمنى للملاحقة والمساءلة أمام المحكمة فيما يرتكب تحت حكمه من جرائم ضد الإنسانية.  
وأضاف: إنه لم ينضم لاتفاقية محكمة الجنايات الدولية إلا دولتان عربيتان هما جيبوتى والأردن فقط، ولكن مصر العريقة المناصرة لإرساء قواعد القانون الدولى عبر تاريخها بقيت للأسف بعيدة عن هذا الإنجاز الدولى الكبير, قائلًا: "إن جرائم التعذيب تعتبر من جرائم الحرب وفقًا لنصوص اتفاقية جنيف الرابعة، وإن التعذيب محرم حتى فى حالة السلم، وعندما يقوم به بعض المسئولين داخل الدولة، وذلك بموجب اتفاقية الأمم المتحدة ضد التعذيب، وبمقتضى نصوص النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية".
وأوضح يسرى أن هذه الجرائم لا تنقضى بالتقادم، وأنه يمكن لمحاكم أى دولة أن تحاكم أى مسئول فى دولة أخرى عن الجرائم ضد الإنسانية التى ارتكبت فى عهده وفى بلده.
وقال: إن القرار يكون بأغلبية ثلثى الأعضاء، بما فيهم الدول الخمس الكبرى "أمريكا، بريطانيا، روسيا، الصين، فرنسا"، كما حدث مع البشير، مشيرًا إلى أنه يوجد 19 دولة عربية غير موقعة على اتفاقية روما للمحاكمات الدولية.

الجريدة الرسمية