رئيس التحرير
عصام كامل

شرف القوات المسلحة



عامان قضيتهما ضابطًا فى القوات المسلحة، عرفت فيهما معانى العزة والكرامة والشرف، ورأيت بعينى حديث النبى (صلى الله عليه وسلم) أن جنود مصر خير أجناد الأرض.

كنت ضابطًا فى قوات المظلات، وتحديدًا فى قيادة لواء اقتحام جوى، وهم أشد شراسة فى القتال، بالرصاص والاشتباك، كنا نتدرب على قطع إمدادات العدو خلف خطوطه ومحاصرة قواته وإعمال القتل فيهم، وعلى احتلال مطار وفك أسر الرهائن، بل واحتلال مدينة بأكملها، كانت المشاريع لا تتوقف، إسقاط مظلى مستمر، وكنا فى فرع العمليات نرسم الخطط، ونضع وسائل تنفيذها، ونشرح للضباط – على تبة الرمل- خطة العملية، على الطبيعة، بتطبيق الخريطة على مجسم للجبال والوديان والأهداف الحيوية المراد تدميرها.
كنت أرى فورة الحماسة والوطنية الشديدة فى جميع قادة اللواء، فى الخامسة صباحًا كنا نبدأ التدريب الرياضى، كان القائد أول الحاضرين، الجرى ستة عشر كيلو متر، ثم التمرينات الرياضية العنيفة، ثم تدريب الاشتباك، لا أحد يتخلف، نسهر فى غرفة العمليات حتى الثانية بعد منتصف الليل، ننام نحو ساعتين، ليبدأ يوم جديد حافل بالجهد الوافر من الجميع بلا استثناء.
فى المشاريع كانت الخطة تنفذ حرفيًا، لم نكن نخلع البيادات طوال مدة المشروع، نحن فى صحراء مترامية الأطراف، وكل عدة ساعات ننفذ مهمة محددة، وينتهى المشروع بعد عشرة أيام، نعود لوحدتنا، نستريح ليوم واحد، ثم نبدأ فى وضع خطة مشروع جديد، إلى أن انتهت مدة خدمتى، بكيت كثيرًا، ودعت الضباط والجنود وداعًا حارًا، سوف أخرج من منظومة الإخلاص الشديد والوطنية الخالصة، لأنخرط فى منظومة العمل المدنى، بما هو معروف عنه من تراخى المديرين وعبث الموظفين وحياة بيروقراطية، فيها المتسلقون والمنافقون والوصوليون، وقليل من المجتهدين الذين لا حظ لهم.
اقول كل هذا، لأننى ما زلت على يقين تام أن القوات المسلحة المصرية هى عماد مصر، المؤسسة القوية، القادرة على حماية مصر، بالرغم من مرور أكثر من ثلاثين عامًا على انتهاء خدمتى العسكرية، وما زلت أستمد القوة من خير أجناد الأرض.
القوات المسلحة المصرية فخر لكل مصرى، وعربى، هى عنوان الشرف على مر تاريخها، إلى أن تقوم الساعة.
الجريدة الرسمية