رئيس التحرير
عصام كامل

لم نقدم رشوة لتسليمه والـ 2 مليار دولار كانت وديعة وليست مساعدة.. سفير ليبيا في مصر في الجزء الثاني من حواره لـ «فيتو»: قذاف الدم ليس مصريا.. ولا يحمل نجمة سيناء

فيتو

  • ليبيا في حاجة إلى إعادة بناء والدمار الحقيقي بدأ مع حكم القذافي..
  • الثقافة والسينما والفن المصري لعب دورا في تشكيل وعي الشعب الليبي..
  • أي شخص تسول له نفسه التلاعب بالمال العام لن يفلت من العقاب..
  • من حق الشعب الليبي محاكمة كل من اعتدى على ثرواته أو انتهك حقوقه..
  • منسق العلاقات المصرية الليبية السابق يحمل عصاه بعنجهية ضد المصريين..
  • إعلام القذافي كان يكره السادات ومصطلح "ثوار الناتو" إحدى إبداعاته..
  • ما حدث في الحالة الليبية انقلاب حقيقي في المعايير الأخلاقية الدولية..
قال محمد جبريل سفير ليبيا في مصر إن ربط قضية تسليم أحمد قذاف الدم منسق العلاقات المصرية الليبية السابق بقضية الإخوان هو محاولة لإغفال حق الشعب الليبي الأصيل في أن يحاكم كل من لعب بمقدراته واضطهده وقمعه وضلله.

وقال في الجزء الثاني من حواره لـ"فيتو" إن قضية أحمد قذاف الدم مرتبطة بحق الشعب الليبي الأصيل في أن يحاسب كل من اعتدى على ثرواته أو انتهك حقوقه.
وأضاف: "لم نقدم رشوة لتسليمه والـ 2 مليار دولار إياها، وديعة وليست مساعدة"
مؤكدا أن قذاف الدم ليس مصريا.. ولا يحمل نجمة سيناء ويحمل عصاه بعنجهية ضد المصريين.

- بعد الإفراج عن قذاف الدم هناك مطالبات بعدم تسليمه للسلطات الليبية على اعتبار أنه مصري وأحد أبطال حرب أكتوبر ما ردكم على ذلك ؟
أحمد قذاف الدم ليس مصريا فهو ليبي من أب ليبي، وكان ممثلا لليبيا في مصر بصفته منسق العلاقات الليبية المصرية، ولو فرضنا أنه مصري فهو مطلوب للعدالة الليبية لارتكابه أفعالا يعاقب عليها تخص المال العام الليبي وتخص الشعب الليبي وهناك بالفعل مصريون في السجون الليبية يقضون فترات عقوبة لارتكابهم جرائم على الأراضي الليبية وحوكموا طبقا للقانون الليبي وكذلك الحال هناك ليبيون مسجونون في مصر لارتكابهم جرائم على الأراضي المصرية وهذا أمر طبيعي.
أما مشاركته في حرب أكتوبر فهذه بدعة جديدة لم نسمع عنها من قبل فلم يسبق لنا أبدا أن رأيناه يرتدي نجمة سيناء التي يزعمون أنه حاصل عليها، كما لم نره ولو لمرة واحدة يقوم بزيارة قبر بطل حرب أكتوبر الرئيس أنور السادت، بل إن نظام القذافي وإعلامه كان عندما يأتون على ذكر الرئيس " السادات" يعقب بعده بلقب "المقبور " في إشارة واضحة لكرهم له، أحمد قذاف الدم كان لا يستطيع أن يمسك عصاه الشهيرة "صولجان " في ليبيا كما كان يمسك بها في مصر، لأنها أحد مظاهر الغطرسة والعنجهية، فلم يكن لأحد في ليبيا أن يتباهى بنفسه غير القذافي فقط ولم يجرؤ قذاف الدم أبدا على فعلها، بل كان يفعلها فقط أثناء زياراته وإقامته في مصر في عنجهية وتعالٍ على الشعب المصري كأنه يقول لهم "من أنتم؟"


- القبض على أحمد قذاف الدم هل كان مرتبطا بحكم الإخوان ؟
هناك ترويج من بعض المجموعات بأن قضية أحمد قذاف الدم مرتبطة بحكم الإخوان وهذا غير صحيح فقضية أحمد مرتبطة بحق الشعب الليبي الأصيل في أن يحاسب كل من اعتدى على ثرواته أو انتهك حقوقه، وهو حق أصيل أظهرته هذه الثورات العربية فأعلت من كلمة القانون وجعلته فوق الجميع وأن الكل يسأل والقضية ليست رسالة للماضي بقدر ما هي رسالة للمستقبل فأي شخص تسول له نفسه التلاعب بالمال العام لن يفلت من فعلته، فالماضى انتهينا منه، أما ربطها بقضية الإخوان هو تمييع ومحاولة لإغفال حق الشعب الليبي الأصيل في أن يحاكم كل من لعب بمقدراته واضطهده وقمعه وضلله، ولدينا مجموعة من الهاربين ونتعامل مع المجتمع الدولي كله وليس مصر في إطار القانون وهذا واضح من خلال مذكرة التوقيف الحمراء وهى مذكرة يصدرها البوليس الدولي فهم مطلبون على ذمة قضايا وتحقيقات والأوراق والملفات جاهزة بالبوليس الدولي وهى منظومة دولية والتي أنشأها العهد الدولي للأمم المتحدة ونظم فيها مسألة تسليم المتهمين.
ومن يستوفى ملفه يطلب، وأحمد قذاف الدم مطلوب للتحقيق أمام القضاء الليبي، فجهة التحقيق ليست الجهة المصرية ولكن الجهة الليبية والتي ارتكب فيها هذه الجرائم وهذا ما يجب فهمه.

- هل هناك فعلا صفقة مالية تمت مع حكومة الإخوان بمصر لتسليم قذاف الدم ؟
معاذ الله أن نتطاول على مصر ونقول إنها تقبل رشوة أو تشتري بالمال وأقول لأصحاب هذا الرأى يجب أن يكفوا عن ترديد ذلك لأن هذا يتعلق بالكرامة المصرية، فمصر لا تباع ولا تشترى ولكن هناك أشخاصا قد تباع وتشترى فيها وما حدث في عصر حكم الرئيس المعزول محمد مرسي هو مجرد نقل وديعة بـقيمة 2 مليار دولار من بنك إلى بنك آخر وبشروط وفترة سماح 5 سنوات، ومن غير المعقول أن نستطيع أن نضمن بقاء الإخوان في حكم مصر لهذه المدة، فما حدث من ليبيا تجاه شقيقتها الكبرى مصر هو نوع من التعاون.

- هل 17 من فبراير ثورة شعبية أم تدخل أجنبي في شئون ليبيا ؟
العمل السياسي من متطلباته دعوة كل العالم لأننا جميعا نعيش في عالم واحد، والثورات العربية كلها نجحت بفعل التغييرات الكبرى التي حدثت وهى فكرة العدالة والحرية والكرامة فلا يمكن لجزء من العالم أن يتمتع بحريات وحقوق أساسية وإنسانية والبعض الآخر يقبع تحت ظل الأنظمة الفاسدة التي تتحكم في مقدراته، وبالتالى لابد للعالم بأجهزته المختلفة وبمنظماته الأخلاقية والسياسية أن يتحرك لينقذ الناس، وهذه مسئولية أخلاقية إنسانية دولية، فالأمم المتحدة مسئوليتها حفظ السلم والأمن العالمي ومن وظائفها أيضا احترام والدفاع على حقوق الإنسان، وأسأل من يقول هذا لماذا لا يعتبر البعض أن الدعم الأجنبي للأنظمة المستبدة بوسائل الاستخبارات والأجهزة القمعية تدخلا ؟، والذي حدث في الحالة الليبية أعتبره انقلابا حقيقيا في المعايير الأخلاقية الدولية، فالأمر الأول: لأول مرة يتحقق إجماع عربي وبسرعة غير معهودة وكأن الجامعة العربية قد ملت من هذا المارق غريب الأطوار القذافي وكانت مستعدة فعلا أمام بشاعة العنف الذي مارسه هذا الطاغية ضد شعبه في الأيام الأولى للثورة الليبية من قمع وقتل وفتك وهذا ساهم في حدوث الإجماع، الأمر الثانى: المجتمع الدولي الذي اتخذ قرارا، والناتو هنا لم يتدخل غازيا إنما تدخل ليحمي الإرادة الوطنية التي تفجرت والعالم شاهد على ذلك، فجموع الناس خرجت تطلب حريتها وهى تعرف من هو القذافي وهذه الثورة الفتية التي قامت هي جزء من امتداد من ثوارت قامت من الغرب والشرق فالقضية كانت واضحة فلم يكن تمردا أو حربا أهلية حتى يفسر تدخل في الشئون الداخلية إنما كان تدخلا أخلاقيا إعمالا للمواثيق الدولية ونصرة للإرادة الوطنية وانتصارا لقيم الحق واحترام حقوق الإنسان.

- ما ردك على من يصف ثوار الـ 17 من فبراير بـ"ثوار الناتو" ؟
لم نعرف أن الناتو له ثوار، فهى بدعة جديدة من إخراج النظام السابق مثل "الجرذان والقاذورات والفيروسات.. وآخره"، هل كل هؤلاء السجناء القابعين لسنوات طويلة في السجون وقتلوا وسفكت دماؤهم خونة ؟ هل جموع الشعب الليبي التي ثارت ضد هذا المختل الطاغية خونة ؟ نحن شعب ثار ضد ظلم واستبداد نظام فاسد.

- بعد حرب التحرير إعادة إعمار ليبيا إلى أين ؟
ليبيا في حاجة إلى إعادة بناء وليس إعادة إعمار، فالدمار الحقيقي في ليبيا بدأ منذ عام 1969، وبداية حكم القذافي ولم يبني في ليبيا شيئا، وما هو موجود وقائم عشوائي عن طريق جهود المواطنين بما لا يتناسب أبدا مع ثروة ليبيا ولا موقعها ولا طموحها ولا مع استحقاقات الشعب الليبي الذي كافح للاستقلال في عام 1911 قبل أن يفطن العالم ضد النازية وشرورها، والفاشية وشرورها، وقدم الشعب الليبي صور كفاح رائعة جدا وهى تاج يعتز به كل العرب والمسلمين، ثم جاء الكفاح الليبي خلال السنوات الأربعين لحكم القذافي والتي شغل فيها المثقف العربي نفسه بقضايا أخرى فلم نجد في عباءته الإسلامية مكانا نتدثر فيه من ظلم القذافي ولم نجد حتى في عباءة القومية العربية مكانا يحمينا من طغيانه وتركنا الجميع وذهبوا ليحجوا إلى خيمة القذافي.

- ما هو دور مصر في ليبيا بعد نجاح ثورة 17 من فبراير ؟
مصر دائما كانت ولا تزال وسيبقى دورها في ليبيا رائدا، فنحن نذكر الدور المصري عقب إنشاء الدولة الليبية عام 1951 فكان الواعظ الأزهري والقاضي على منصة القضاء والأستاذ والمهندس، فأنا تتلمذت شخصيا على يد مدرسين مصريين وهناك دور آخر غير مباشر فالطلاب الليبيون كانوا يدرسون بالجامعات المصرية قبل إنشاء الجامعات الليبية، فأبناء الدولة الليبية الأولى تخرجوا منها وأيضا هناك دور الصحافة المصرية في سنوات الستينيات خلال "الأهرام والجمهورية والأخبار والمصور، الهلال، وآخر ساعة" فالثقافة المصرية والسينما والفن المصري لعب دورا في تشكيل وعي وثقافة الشعب الليبي الذي كان توَّاقا للحرية والعلم والمعرفة وهو دور يمكن لمصر أن تلعبه من جديد إذا آمنت هي به ونحن ندعوها بإلحاح لاستعادة هذا الدور في ليبيا والوطن العربي كله مرة أخرى.

- ما رأيك في اتهام البعض للقضاء الليبي والحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان في السجون الليبية ؟
كل هذه اتهامات باطلة، فالقضاء الليبي نزيه وهناك العديد من رموز نظام القذافي تحاكم الآن في ليبيا مثل سيف الإسلام القذافي وعبد الله السنوسي وموجودون في السجون وغيرهم من عناصر النظام الأخرى، وهذه السجون بها كل الضمانات وتدار من قبل الدولة وتشرف عليها هيئات المجتمع المدني وتزورها الرقابة الدولية، وخير دليل على ذلك أن المحكمة الجنائية الدولية قضت بجواز محاكمة عبد الله السنوسي رئيس مخابرات نظام القذافي وصهره داخل ليبيا، فبلادنا تضمن محاكمات عادلة لحرصها على حقوق شعبها.
الجريدة الرسمية