رئيس التحرير
عصام كامل

طه حسين الثائر في معرض الكتاب.. اصطدم بالإخوان ووصفهم بأنهم يتبعون الجهالة الإسلامية.. هاجم سعد زغلول.. استنكر دكتاتورية الأغلبية.. وانتصر للفقراء بمجانية التعليم

طه حسين
طه حسين

خاض معرض القاهرة الدولي للكتاب، بقاعته الرئيسية، في شخصية عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، من خلال ندوة "طه حسين رائد التنوير" بحضور الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق، والكاتب السيد ياسين.

قال الدكتور جابر عصفور: إن فكر طه حسين يتأسس على خمسة عناصر هي العقلانية، الحرية، النزعة الإنسانية، والنظرة المستقبلية.

وأشار إلى أن العقلانية في فكر حسين تتمثل في الاحتكام للعقل، المأخوذ من التراث الإسلامي، والمعتزلة، بالإضافة إلى النظرية الفلسفية الأوربية، وهو ما تسبب في ضجة كبيرة، نتيجة أن مجموعة من الناس ترجع كل شيء للعقل، وأصيب بالصدمة حين علم أن هناك أشياء تؤخذ بالتسليم، ولا مجال للعقل فيها، ومن هنا انطلق مجال الشك في فكر طه حسين، أيام العصر العثماني.

وأضاف عصفور أن طه حسين انتقل لشعراء الغزل، ووصف أن معظم أشعارهم غير صحيح، ثم انتقل إلى الشعر الجاهلي، وهو ما أحدث ضجة كبيرة، وكان الصدام الثاني المؤثر في الثلاثينات، عندما تأسست جماعة الإخوان المسلمين، وكانت تسعى لرفض رأيها، من خلال التمويلات الأجنبية، لذا كان لابد أن تصطدم بطه حسين، ووصفوه بالكافر.

ونتيجة الهجوم والشعبية التي جمعتها الجماعة، اجتمع حسين مع عدد من الليبراليين، وأكد أننا أمام نوع من الجهالة الإسلامية، وطالب بضرورة البحث لتخليص الناس من الخزعبلات التي يؤمنون بها، والتي تمثل المد الديني الذي اشتد إلى نوع من الجهالة الإسلامية، وكان لابد أن يعود طه حسين للجزع الذي يعتمد عليه هؤلاء، ليثبت أن الدين ما لا يؤمن به الإخوان، ويجب إعمال العقل، ولم يكن حسين وحده في هذا الاتجاه، بل انضم إليه عباس العقاد ومحمد حسين هيكل، وهو ما واجهته الجماعة بمجموعة من الكتب الإسلامية القديمة كنوع من الرشوة للتيارات الإسلامية لكسب تأييدها، لكن خاب ظنهم، وأصبحت كتبهم تؤيد العقل.

وأضاف عصفور أن طه حسين الكاتب السياسي ليس معروفا بالقدر الكافي، لأن مقالاته لم تجمع كما يجب، فهو كان من أشد المهاجمين للوفد، وكان يتحدث كثيرا عن دكتاتورية الأغلبية، وكان شديد الهجوم على سعد زغلول، وطالب بالحرية في البحث العلمي، وانتقد تدخل الدولة، قائلا: "إذا تدخلت الدولة في البحث العلمي، أفضل لهم بيع الفجل". وإن العلم لا يزدهر إلا في مجال حر تماما، وإن معنى الحرية هو أن تقبل دينك بعقل، ولا تأخذه تسليما حتى تكون مؤمنا به.

وأشار عصفور إلى أن العدل في نظر طه حسين، ليس انفراد مجموعة معينة بالثورة كلها، ومن هنا انضم للمعذبين في الأرض، ومن أقوال حسين إن العدل لا يكتمل إلا بالجانب المعرفي، كما أن الثورة لا يجب أن تحتكرها فئة، وهو ما جعله يعلن مجانية التعليم، عندما تولى وزارة المعارف في وزارة الوفد، رغم عدم انتمائه لحزب الوفد، وتم تعميم مجانية التعليم على الجامعات في عهد عبد الناصر.

وأكد عصفور أن صائغي دستور 2014، كانوا يكتبون بروح طه حسين، لما يتضمنه من حريات، وهو يعد تحقيقا لحلم طه حسين القديم.

واستطرد عصفور بأن النزعة الإنسانية في نظر طه حسين، أنه كان يفتخر بمصريته، وعربيته، لكنه كان فخورا بانتسابه للإنسانية، وكان يؤكد دائما أن أي جريمة ترتكب ضد الإنسانية في كل مكان، ترتكب ضده شخصيا، وهو ما أخذ به إلى مقولته الشهيرة، ليس مهما أن تكون مسلما ومسيحيا ويهوديا، حتى تقرأ الكتب المقدسة، وتتأثر بها.

وأردف عصفور: لم يكن الملك فاروق غبيا عندما انصاع لمستشاريه، وأرسل طه حسين في تأسيس اليونسكو، وألقى كلمته الشهيرة، لأن طه حسين كان معظم تفكيره للمستقبل، حيث افتتح المركز الثقافي المصري في إسبانيا والرباط، وطالب باتحاد التعليم المدني والإسلامي.

فيما وصف الكاتب السيد ياسين طه حسين بنهر في المنهج النقدي التقويمي، يوازي منهج محمد عبده، وخاض ياسين التحولات الثقافية من وجهة نظر طه حسين، من خلال "الكتابات الإسلامية في الأدب المصري"، وأشار إلى أنها توطد نهاية انتصار حركة التنوير والتثقيف الإسلامي، لكن المعسكر الرجعي لم يتراجع عن مهاجمة المعسكر الليبرالي، وهو ما جعل طه حسين شديد الاحتجاج على التعصب. 

وأضاف ياسين أن تحول الكتاب الليبراليين إلى الكتابة الإسلامية، كان نتيجة تأثير الثقافة الغربية على هذا التوجه.

وأشار إلى أن التفسير الثقافي لتحولات الكتاب الليبراليين إلى الكتابات الإسلامية، وأن سبب تحول هيكل باشا إلى الكتابات الإسلامية هو ظهور جماعة الإخوان المسلمين، واستقطاب العديد من الجماهير، وعادت مشكلة التحولات في الثقافة المصرية لتطل برأسها من جديد في السبعينات.
الجريدة الرسمية