صوتي يا ولية!!
خرجت السيدة الجليلة «جليلة» للإدلاء بصوتها في الاستفتاء على الدستور ب«لا» وهي السيدة الفاضلة التي بلغت من العمر أرذله، وأم لثلاث بنات وولدين، وجدة لكثير من الأحفاد، على الرغم من إصابة السيدة الجليلة بكثير من الأمراض التي تمنعها من الخروج من بيتها، إلا أنها فضلت أن تمارس حقها الديمقراطي في التصويت ضد الدستور التي وصفته بالمطبوخ، وطعمه طعم «الكوسة الحمضانة» التي لا تثمن ولا تغني من جوع.
أتشحت السيدة بثياب العزاء التي طالما تلبسه عندما تريد الذهاب إلى أحد المآتم الموجودة في قريتها، وبللت شعرها بـ«الجاز» بدلًا من أفخر العطور التي تملأ حجرة نومها، لدرجة أنها أصبحت واحدة من أكثر المترددات على «بنزينة السعادة» التي لا تملك من السعادة سوى اسمها.
حملت «جليلة» على أعناق ولداها للذهاب بهما إلى اللجنة التي من المقرر أن تصوت فيها على الدستور بـ«نعم» أو «لا»، وسار خلفها بناتها الثلاث اللاتي أخذن أمهن الحاجة «جليلة» قدوة يقتدن بها في كل شيء؛ لكونها لم تخطئ أبدًا في تقدير الأمور، وعندما وصل الجميع إلى لجنة الاستفتاء نزلت الحاجة «جليلة» أبناءها من على كتفها، وأعطت الأمر لبناتها الثلاث أن يصوتن خارج اللجنة بـ«ياااالهوي»، بدلًا من «نعم» أو «لا»، وذلك للضيق الذي لحق بها في فترة تولى «مرسي» رئاسة الجمهورية، فلقد فاقت صعاب الخمسة أشهر التي تولى فيها كل عصور الاستبداد، وسرعان ما تشعل النار في نفسها، وتحدث حالة من الهرج والمرج أمام اللجنة بسبب السيدة المشتعلة ثم يخرج رجال الجماعة من داخل لجنة الاستفتاء، ويستفسرون عن الحدث وعندما علموا أن «جليلة» هي واحدة من المعترضات على مسودة الدستور «المسلوقة»، أمروا نسائهم اللائي التففن حول السيدة المشتعلة بأن يصوتوا على الدستور، بدلًا من التصويت على «جليلة»، وذهبن وتفحمت جليلة ...