"الأمن" بعد احتفالات تحدت التفجيرات
تحدى الشعب المصري الأصيل الإرهاب بجميع أشكاله وألوانه، ونزلت الملايين إلى الميادين بجميع المحافظات في ذكرى "25 يناير"، البعض شارك احتفالا وبحثا عن لحظات فرح وسعادة في ظل الكآبة التي تغلف الأجواء منذ ثلاث سنوات، لكنني أزعم أن الغالبية العظمى هرعت إلى الميادين دعما للجيش والشرطة، وتحديا لمجرمي "الجماعة الإرهابية" وحلفاء المؤامرة والخيانة في الداخل والخارج.
الحشد الشعبي وجه رسالة واضحة إلى الشيطان الأكبر القابع في "البيت الأبيض" و"ذيوله" في قطر وتركيا وحماس وغيرهم، بأن المصري صاحب أقدم حضارة في التاريخ وقاهر الغزاة لن يستسلم لمؤامراتكم، ولن ترهبه تفجيراتكم وجرائم "صبيانكم"، لقد أدرك بسطاء الشعب قبل النخبة أن أمريكا تحاول سواء بالترغيب أو الترهيب منع ترشح السيسي لرئاسة مصر، من هنا رفع الملايين صوره وهتفوا باسمه حتى يترشح، كما طالبوا بإعدام "الإخوان"، حتى يعرف أوباما وشركاء المؤامرة أن الشعب الذي لفظ الفصيل الإرهابي، سيلفظ بلدانهم قريبا، وأن عهد الوصاية والتبعية انتهى وبدأ عهد الندية وعدم التدخل في الشئون الداخلية.
نعم تجلى الحس الوطني الشعبي في هذا اليوم، لكن ماذا عن الهم والشجن الأمني؟!.. وهو المعضلة الكبرى التي تعانيها مصر من فصيل إرهابي، أطلق التكفيريين والمجرمين من السجون، واستعان بالمتطرفين والمأجورين في حماس وغيرها.. صحيح أن الأجهزة الأمنية ممثلة في الجيش والشرطة بذلت من الأنفس والجهد والوقت الشىء الكثير لحماية المصريين من إجرام وإرهاب الفئات الضالة الخائنة، لكن مصر التي اقترن اسمها في القرآن الكريم بالأمن والأمان، يعيش أهلها في رعب الإرهاب والانفلات، لا ننكر أن الانفلات قلت حدته عن العامين الماضيين، لكن اتسعت بالمقابل رقعة الحرائق والتفجيرات والدماء التي تغرق الشوارع، منذ "عزل" الجاسوس مرسي والقضاء على حلم "الإخوان" في حكم المحروسة.
الأمن بات الأكثر إلحاحا، فلا تنمية ولا استثمار ولا سياحة ولا استقرار أو حتى إنتاج من دون أمن وأمان، وعليه يجب على أجهزة الداخلية تغيير منظومة عملها وتطوير الخطط الأمنية لمنع التفجيرات والجرائم قبل حدوثها، وليس كما يحدث الآن الانتظار حتى تتم العملية الإرهابية ثم نبدأ في البحث عن الجناة، كما يجب على أجهزة المخابرات بذل جهود إضافية لجمع المعلومات وكبح جماح الإرهاب والقضاء على قادته قبل ارتكاب المزيد من الجرائم.
وإذا كانت الأجهزة الأمنية في حاجة إلى دعم معلوماتي، فإن دور المواطن المصري لن ينتهي عند تحدي الإرهاب، بل يمكن الاعتماد على من يتوسمون فيه خيرا ليصبح وسيلة مساعدة وفعالة للأجهزة الأمنية، مع العمل على توعية جموع الشعب بضرورة الإبلاغ عن أية معلومات أو شكوك تتعلق بأشخاص أو جماعات أو ممارسات مشبوهة.
نعرف أن الحمل كبير وتركة "المعزول" مرسي مثقلة بالمتطرفين والمجرمين والعملاء والمتآمرين، لكن الغريب أنه في ظل العمليات الإرهابية المنظمة والممنهجة في كثير من المدن المصرية، ينبري وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم بتصريح يهدد فيه "الجماعة الإرهابية" بأن جميع قطاعات ومباني الداخلية، جهزت بأسلحة ثقيلة ولن ترحم من يقترب منها و"اللي عايز يجرب ييجي"!!. وردا على التهديد العنتري من وزير الداخلية، قامت "الجماعة الإرهابية" بتفجير مديرية أمن القاهرة ومعهد الشرطة وغيرهما من المباني على مرأى ومسمع من العاملين في الوزارة.
هل غاب عن وزير الداخلية أنه تعرض شخصيا لمحاولة اغتيال بالقرب من بيته. وهل نسى ضحايا الشرطة الذين يتساقطون بالعشرات؟!.. ماذا فعل للقضاء على الجريمة قبل وقوعها؟! وكيف اقتص لدماء الأبرياء التي سالت بيد الغدر والإرهاب؟!.. الحقيقة أنه ومعه الحكومة يكتفون بتقديم العزاء وتوعد الإرهاب ولا أكثر من ذلك، وحتى من يتم اعتقاله لا نعرف ماذا جرى بشأنه ونوعية الاعترافات التي أدلى بها!!
نتمنى من الوزير تغيير منظومة الأمن والعمل الجدي لمنع الجريمة قبل وقوعها، حتى تعود مصر واحة الأمن والأمان كما ذكرت في القرآن.