رئيس التحرير
عصام كامل

مصر ولحظة الحقيقة


كلما تجادلنا مع معارضى ثورة 30 يونيو ممن يرونها مجرد انقلاب عسكري أو خطة شارك في وضعها أطراف عربية ودولية لإعادة نظام مبارك، كنا نقول: كيف لنا أن نصدق أن هذه الملايين التي خرجت إلى الشوارع يمكن إعادتها إلى بيوتها (لتستمتع) مرة أخرى بأنغام آلة القمع المباركى وهى تعزف سيمفونية قرقعة العظام وتكميم الأفواه التي لا يرغب لنا بعض الأطراف الإقليمية التي دعمت الثورة بالعيش دونها خاصة أن المخلوع كان يضع مصالح هؤلاء فوق مصالح مصر وشعبها.


لم تكن التصريحات التي أدلى بها أحد قادة تلك الدول متمنيا على الفريق السيسى ألا يترشح للرئاسة خروجا عن هذا السياق فهم لم ينفقوا أموالا طائلة ليمنحوا الشعب المصرى حرية ولا كرامة بل من أجل تسليم السلطة لمبارك جديد وهم يعتقدون أن الشعب المصري، قياسا على أصدقائهم وأزلامهم، مجرد حفنة من المرتزقة الذين يبحثون عن منافعهم لا أكثر ولا أقل.

أن تخرج الملايين بالفعل يوم 30 يونيو مدعومة بالجيش المصري، فهذا لا ينفى أن هناك من كانت لديه نوايا مبيتة لاستثمار إسقاط الإخوان وسرقة الثورة تماما كما سرقت ثورة 25 يناير لصالح جماعة الإخوان المسلمين لكن هذه المرة لصالح فلول مبارك القابعين في بعض دول الخليج ينتظرون العودة لاستلام السلطة.. كل السلطة كأن شيئا لم يكن وكأن التاريخ قد تجمد عند تاريخ 24 يناير 2011 وكل ما هو مطلوب إعطاؤه إشارة البدء مرة أخرى!!

الآن بدأت بعض الخبايا في التكشف وهو أن هناك من يريد تسليم الحكم في مصر لفلول مبارك وليس لقادة وأبطال ثورة 30 يونيو هذا أو فلتستمر التفجيرات التي تنفذها فرق الموت المتنقل التي تؤدى دورها على خط أفقى ممتد من بغداد إلى طرابلس الغرب مرورا بضاحية بيروت الجنوبية وبالقاهرة.

البعض لا يريد ثورة ولا شعبا مصريا يمكن له أن ينزل إلى الشارع مرة أخرى ليبقى إرادته بيديه، كما أنه لا يريد قيادة مدعومة بإرادة هذا الشعب بل «مبارك جديد» يجلس على كرسى مهتز آيل للسقوط لا يبقيه طافيا سوى محاليل الإنقاذ وعربة إسعاف تتحرك لإنقاذ بلد عظيم كلما أوشك على الغرق في بحر الظلمات أو لحقنه بالمحاليل والأمصال لتبقى مصر مجرد ترس في ماكينة السلب والنهب والاستزلام التي يحتل فيها هؤلاء موقعا قياديا متقدما!!.
الجريدة الرسمية