رئيس التحرير
عصام كامل

الناصريون والسيسي


حسم بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة حالة عدم اليقين التي انتابت البعض، في الأيام الأخيرة، بشأن ترشح الفريق أول عبد الفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية، ونجح الضغط الشعبي الذي يلح على الرجل من أجل تولى المنصب الأهم في الدولة المصرية، في الاقتراب من احتلال مكان الرأس الغائب الذي يفتش عنه المصريون، لا نقول منذ الإطاحة بمبارك بل قبل ذلك بسنوات.


اليوم أصبح الطريق إلى الرئاسة واضح المعالم بالنسبة للشعب المصري، ولم يعد هناك لغط أو بلبلة، فنحن ماضون إلى انتخابات، يتقدمها مرشح يبدو أن كثيرا حسموا أمرهم بتأييده، فيما بقي آخرون - وهؤلاء يرى البعض أنهم قلة- في انتظار البرنامج الانتخابي للفريق أول باعتباره المرشح الرئاسي، وليس القائد العسكري الذي فوضه المجلس الأعلى للقوات المسلحة ليتصرف "وفق ضميره الوطني، ويتحمل مسئولية الواجب الذي نودى إليه".

ووسط المؤيدين والمتحفظين يجد الناصريون أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه، فهؤلاء الذين رموا بثقلهم في الانتخابات الرئاسية الماضية خلف حمدين صباحي، أظهر قطاع كبير منهم تأييده للسيسي، بل وكان منهم من ضغط من أجل الدفع به إلى سدة الحكم، باعتباره الوريث الشرعي لإرث عبد الناصر التاريخي، وسليل المؤسسة العسكرية التي تنحاز دائما إلى الشعب الذي خرج قادتها العظام من بين صفوفه.

الفريق الناصري الذي حسم أمره بالوقوف خلف السيسي، لم يجد البعض منه غضاضة في مطالبة صباحي بالتواري من المشهد  "وإفساح الطريق"، باعتبار أن المرشح الرئاسي السابق محكوم عليه بالخسارة في معركة غير متكافئة، والأفضل له أن يفعله بيده لا "بيد عمرو" ويعلن عدم خوضه السباق تقديرا للمؤسسة العسكرية التي خرج عبدالناصر ورفاقه من بين صفوفها، وتأكيدا لمقولة أن "الجيش تحت جلد كل ناصري"!.

وفي المقابل هناك فريق ناصري يعتبر أن انسحاب صباحي سيفقده المصداقية، خاصة أنه أعرب في أكثر من مناسبة أخيرا، عن رغبته في خوض المعركة، كما يرى هذا الفريق أن صباحي الذي كان سببا في الالتفات إلى الناصريين باعتبارهم رقما مهما في المعادلة السياسية، بعد حصوله على نحو 5 ملايين صوت في الانتخابات الرئاسية السابقة، من حقه أن يخوض الشوط لنهايته.

الفريق الأول من الناصريين، المؤيد بحماس لترشح السيسي، يضم بين جنباته شخصيات كانت يوما ما الأقرب إلى صباحي، لكنها ابتعدت عنه فيما يشبه الفرار، وتحاول التأكيد، ليل نهار، أن فرص الصديق السابق معدومة، فيما الفريق الثاني، يحاول السباحة عكس التيار الجارف في الشارع المصري الذي يطالب بانتقال وزير الدفاع إلى القصر الرئاسي.

عانى الناصريون في الماضي من آفة الانقسام والتشرذم، وربما لعب صباحي الذي كان يناديه البعض منهم "سيادة الرئيس" في مجالسهم الخاصة، دور الموحد المؤقت على ما يبدو، ليعودوا سيرتهم الأولى في التناحر والخلاف، بعد أن جاهر فريق لا يستهان به منهم، ليس بتأييد السيسي فقط، وإنما بالعداء لصباحي.

هي فتنة الرئاسة إذن التي سيخرج منها الناصريون، كما يتوقع البعض، ليجدوا أنفسهم وقد دخلوا في التيه الذي سيعطل مسيرتهم لسنوات، إن لم يذوب قطاع كبير منهم، تقوده المصالح، في خضم بحر لا يقوون على مواجهة موجه العاتي الذي يطالب بالسيسي رئيسا.

الجريدة الرسمية