رئيس التحرير
عصام كامل

خبراء الاقتصاد ووجع الدماغ


خبراء الاقتصاد مع تحفظنا على الكلمة الآن وليس فى ذلك أى شبهة للنيل من الاقتصاديين الأجلاء الذين نرفع لهم القبعة لكن هناك من المدعين الكثيرين الذين دخلوا إلى ذلك المجال بعد الثورة ورأينا العديد من الوجوه والأصوات التى تظهر وتثرثر وتملأ الفضائيات وتفتى بالفتاوى وهؤلاء لا يعلمون من أمر أنفسهم شيئا.. لكن على الرغم من ذلك فإن هذه الأصوات العالية قد طغت على هذه الأصوات الرشيدة والعاقلة وهو ما أدى إلى حالة من التضارب والاختلاف وحدوث حالة من التخبط بحيث فقدت الموضوعات معناها وأصبح كل من هب ودب يفتى ويعلن أنه يملك مفاتيح حلول مشكلتنا الاقتصادية التى باتت واضحة للعيان حتى الأطفال.. فنحن ببساطة نعلم أن لدينا موارد اقتصادية وهذا أمر طبيعى ومصر تتوفر فيها هذه الموارد عن غيرها من الدول لكن هناك دول أخرى لديها موارد أكثر وأعظم منها وهى غير مستقلة كالسودان وأن سوء الأداء كما يدعون هو الشماعة التى يعلقون عليها تخلف مصر الاقتصادى وعدم قدرتها على إشباع طلب الشعب من السلع والخدمات، ويرجع ذلك لسوء الإدارة  ويمكن قبوله منذ عدة أحقاب خلت لكن هناك من يقومون على إدارة موارد مصر بحرفية وهناك خبرات خارجية تعرف كيفية استغلالها ولكن المشكلة هى فى تحديد من هم المستفيدون من عوائدها، هم أناس أى حفنة من الناس الذين لهم صلات خارجية والذين قد جعلوا من اقتصاديات مصر مجرد تكية وعزبة للشركات الأم بالخارج التى تستنزف ما تأتى به هذه الموارد من أرباح وخبرات واستبعاد من يعملون بالداخل معهم أو ما يطلقون عليهم الند المصرى Counter part والذين تكدست خزائنهم بالأموال وتنتفخ جيوبهم ويحصلون على عائد التنمية لهم، فالمشكلة ليست سوء الإدارة ولكنها سوء عدالة التوزيع لعوائد التنمية فى مصر والمشكلة هى أيضا تركيز ثروات مصر الاقتصادية ومواردها وحق استقلالها وتدويرها فى يد حفنة أو طبقة من رجال الأعمال المؤيدين والمختصين بالسلطة ورأينا كيف أن الأمر تطور بحيث أصبحت ولاية رجال الأعمال على هذه الموارد وإدارتها من خلال الدفع بهم إلى الحكومة التى تعينهم وزراء حتى لا يصبح لديهم كل الصلاحيات فى التعاقد وفى إدارة موارد مصر الاقتصادية أو التنازل عنها.. لا يوجد لدينا سوء إدارة لكن علينا الآن بعد الثورة أن ندرك أن المشكلة الأساسية هى غياب الاستقرار السياسى الذى يعد من أولويات عودة الحياة الاقتصادية وقد يخطئ من يظن أن علينا أن نشجع الاستثمارات الخارجية التى حدثت وهى فى ظل هذه الأوضاع لن تعود لأننا كما نعرف رأس المال جبان.. وعلينا أيضا أن ندرك، وتلك حقيقة اقتصادية، أن هذه الاستثمارات الخارجية أو التدفقات النقدية الأجنبية تلعب دورا محدودا فى تنمية الاقتصاد وذلك حسب التجارب الاقتصادية فى دول العالم الناجحة، والتى عرجت فى معراج التنمية  5 % وأن الاعتماد الأساسى يكون على الاستثمارات الداخلية (المدخرات الداخلية) لذلك فإن نقطة البداية الحقيقية للخروج من ذلك المأزق هو تشجيع الاستثمارات الداخلية والاعتماد عليها على نحو كبير لتدعيم القاعدة الاقتصادية وفى ذات الوقت إشباع الطلب المحلى من السلع والخدمات لاسيما الغذائية التى يعتمد عليها 80% من المصريين وهى السلع المدعومة.



الجريدة الرسمية