رئيس التحرير
عصام كامل

تعبيرًا عن السياسات والمواقف الثابتة للسلطان «قابوس»: الصحافة العُمانية تؤكد دعم السلطنة لمصر.. صحيفة «عُمان»: القاهرة قادرة على تجاوز كل التحديات.. واستقرارها في صالح جميع الأطراف

السلطان قابوس بن
السلطان قابوس بن سعيد المعظم سلطان عمان

تواصل الصحافة في سلطنة عُمان تبنى مواقف إعلامية صريحة ومباشرة تعبر عن دعم السلطنة قيادة وحكومة وشعبا لمصر مع حرصها على مساندتها. يأتى ذلك تعبيرا عن السياسات والمواقف الثابتة للسلطان قابوس بن سعيد، سلطان عُمان التي اتخذها على مدى عقود من الزمان والتي تعكس دعمه الكامل لمصر. 

في هذا الإطار خصصت جريدة «عُمان» مقالها الافتتاحي لتناول مستجدات الأوضاع في مصر، حيث تصدر افتتاحية الجريدة عنوان: «استقرار مصر ضرورة لصالح جميع الأطراف»، أكدت فيها الجريدة أن التطورات التي تشهدها الدول الشقيقة والصديقة، تظل شأنا داخليا، تديره شعوبها وقواها السياسية المختلفة، وفقا لأولوياتها ولما تراه محققا لمصالحها في الحاضر والمستقبل، وفي إطار تقييمها لما تواجهه أو تتعرض له من تحديات، إلا أن الترابط العميق بين دول وشعوب المنطقة من ناحية، والتأثير المتبادل، والمتزايد لما يقع فيها من أحداث وتطورات على بعضها البعض من ناحية أخرى، والأهمية الكبيرة التي تمثلها مصر للمنطقة وشعوبها، يفرض في الواقع الانتباه، بل والاهتمام إلى حد كبير لما يجري من تطورات وأحداث، تجري متسارعة الآن في مصر وعدد من دول المنطقة، وعلى نحو يفرض الاهتمام والمتابعة عن كثب لكال ما يجري، لأنه ببساطة سيؤثر بالضرورة على كل دول وشعوب المنطقة بشكل أو بآخر.
وأشارت الصحيفة إلى أن «جموع كبيرة من الأشقاء في مصر احتفلت بالخامس والعشرين من يناير، ومن المفارقات أن هذه الاحتفالات حدثت بينما هناك من يسعى إلى نشر الفوضى، وبث الفزع والخوف وذلك من خلال اللجوء إلى أعمال تدينها الشرائع السماوية والنواميس الإنسانية والقوانين الدولية، بل والأخلاقيات والقيم الحضارية التي يلتقي عليها البشر جميعا، والتي تؤكد على السلام والتعايش والاستقرار، كضرورة لا غنى عنها للبناء والتنمية، أينما كان على امتداد العالم».

وأضافت الصحيفة أن السلطنة تؤكد على أهمية استقرار الشقيقة مصر، دولة وشعبا، في مواجهة ما تتعرض له وتمر به في هذه الأوقات الصعبة، مؤكدة أن مصر قادرة على مواجهة هذه الظروف، وتجاوز كل العقبات والتحديات التي تحاول إعاقتها عن الانطلاق نحو بناء ما يتطلع إليه الشعب المصري، وأنه من المعروف على نطاق واسع أن استقرار وأمن مصر، هو استقرار لكل المنطقة من حولها، كما أنه أمر يصب في مصالح كل الأطراف.

على ضوء كلمات صحيفة «عُمان» فإن للسلطان قابوس بن سعيد، مواقف تاريخية تجاه مصر ونتيجة لها تجاوزت البلدان منذ سنوات بعيدة كل المراحل التقليدية في العلاقات بين الدول والشعوب على خلفية حقائق التاريخ ومعادن الرجال وصلات الدم والنسب، والمصاهرة ما بين الشعبين التي بدأت منذ قرون، وتعمقت بعد الفتح الإسلامي لمصر، حيث وفد إلى مصر مع رجال عمرو بن العاص الكثيرون من الأشقاء العمانيين من أبناء الأزد.

استمرارا لذلك في العصر الحديث كشفت الأيام مدى محبته لمصر وشعبها وتقديره العميق لمكانتها ودورهــا التاريخي. ومنذ مبادرة السلام المصرية التي قادها الرئيس الراحل أنور السـادات لم يتغير موقف السلطنة تجاه مصر، فلقد ساند السلطان قابوس المبادرة ورد بمبادرة مماثلة حينما رفض، في إطارها، تنفيذ قرارات المقاطعة العربية لمصر. لم يكن قراره عفو الخاطر أو وليد اللحظة أو مجرد رد فعل وجداني بسبب محبته لمصر وشعبها، إنما كان تعبيرا عن موقف ثابت تتبناه سلطنة عمان منذ مطلع عقد السبعينيات وتحديدا منذ الثالث والعشرين من يوليو 1970 وحتـى صباح اليوم.

إن المحور الأساسي لهذا الموقف يعبر عن دعوة صادقة وحكيمة تنطق بصوت العقـل، وتطالب دائما في كل المناسبات والمحافل وعلى كافة الأصعدة بضرورة الاحترام الكامل والمطلق لإرادة الشعب المصري وللقرارات المصيرية التي يتخذها، وصون استقلال قراره الوطني والاحترام المطلق لسيادته وحقه في اختيار ما يراه مناسبا لأوضاعه ومستقبله.

لقد أكد السلطان قابوس على ذلك الموقف حينما أيد القرار المصري بخــوض غمار «معركة التفاوض» على «جبهة السلام»، حيث لم يكتف بمساندة قرارات القاهرة بل قام بالعديد من المبادرات لاستئناف العلاقات بين مصر ودول الوطن العربي. وما تزال تتردد في عقول الشعب المصري عبارات وردت ضمن فقرة مهمة عن مصر في الكلمة التي ألقاها السلطان قابوس بن سعيد سنة 1984 بمناسبة العيد الوطنى الرابع عشر للسلطنة حيث قال فيها: «لقد ثبت عبر مراحل التاريخ المعاصر أن مصر كانت عنصر الأساس في بناء الكيان والصف العربي، وهي لم تتوان يوما في التضحية من أجله والدفاع عن قضايا العرب والإسلام، وأنها لجديرة بكل تقدير. وانطلاقا من الحرص الأكيد الذي تمليه وتحتمه علينا المصلحة المشتركة، فإننا ندعو كافة إخواننا القادة العرب إلى نبذ خلافاتهم جانبا، والعمل بجد وإخلاص على تحقيق أهداف التضامن العربي التي أصبحت في هذه المرحلة الدقيقة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، وإننا نتطلع إلى نهج يعيد للعرب وحدتهم ومجدهم بين الأمم».

على هدي عباراته لم يكن من قبيل المفاجآت أن تجدد وسائـــل الإعلام والصحافة العمانية دائما التأكيد على نفس النهج وهي بصـــدد متابعتها لمستجدات الأحداث في مصر.

إن ما تذكره صحافة السلطنة لا يمكن النظر إليه بوصفه بمثابة «رؤية إعلامية» إنما يعد بمثابة تعبير صادق وأمين ودقيق عن مواقف وتوجهات الشعب العماني الشقيق بقيادة السلطان قابوس.

على ضوء ذلك تتواصل الاتصالات المصرية العمانية على أعلى المستويات، فعلى سبيل المثال وتعبيرا عن تقدير السلطان قابوس لمصر ولمكانتها فقد استقبل ببيت البركة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، خلال الزيارة التي قام بها للسلطنة في شهر مايو الماضي.

من جانبه أشاد شيخ الأزهر بالدعم الذي تقدمه حكومة السلطنة للأزهر الشريف من أجل تأدية رسالته، مؤكدا أنها في مقدمة الدول العربية التي وقفت إلى جانب الأزهر ودعمته دعما قويا.

زيارة مهمة
على أساس هذه الرؤى تعبر العلاقات بين البلدين عن موقف مثالى فهى تمثل نموذجًا عمليًا لتحقيق التضامن بين شعوب الأمة العربية، حيث أرست البلدان أسسًا قوية لعلاقات إستراتيجية ونموذجية بين الجانبين اللذين يحرصان على تنسيق مواقفهما وطرح صيغ واقعية وعملية لمواجهة التحديات المختلفة التي تواجه شعوب المنطقة. ومن منطلق الحرص المصرى العمانى على تفعيل التعاون العربى المشترك تتواصل الزيارات المتبادلة والاتصالات المكثفة بين كبار المسئولين في البلدين.

في هذا الإطار استقبلت القاهرة في العام الماضى بحفاوة بالغة يوسف بن علوي بن عبد الله، الوزير المسئول عـن الشئون الخارجية في سلطنة عُمان خلال زيارة مهمة قام بها، حيث استقبله المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية.

تم خلال المقابلة استعراض القضايا الإقليمية والدولية وسبل تطوير العلاقات بما في ذلك التأكيد على أهمية استئناف اجتماعات اللجنة المشتركة التي عقدت آخر اجتماع لها في عام 2009. كما تمت مناقشة إنشاء مجلس مشترك لرجال الأعمال.

من جانبه أكد الوزير المسئول عن الشئون الخارجية، خلال المقابلة عُمق العلاقات الثنائية الراسخة بين البلدين الشقيقين، معربا عن تمنياته أن تتجاوز مصر هذه المرحلة المهمة من تاريخها. وحضر المقابلة السفير أحمد بن يوسف، وكيل وزارة الخارجية للشئون الدبلوماسية، والسفير الشيخ خليفة بن على الحارثي، سفير السلطنة لدى مصر، مندوب السلطنة الدائم لدى جامعة الدول العربية.

مكانة متميزة
كانت الزيارة قصيرة بحساب فترتها الزمنية وعدد ساعاتها، إلا أنها ذات أهمية بالغة انطلاقًا من المكانة المتميزة لمصر والسلطنة على الصعيدين الإقليمي والعالمي، خاصة وأنهــا تمت في توقيت بالغ الأهمية وفي خلفيتها اتصالات عربية ودولية مكثفة تشارك فيها سلطنة عمان بدور بارز ومحوري إيجابي.

يؤكد المحللون أن الزيارة تعبر أيضا عن قوة العلاقات الثنائية والتنسيق المتواصل على أعلى المستويات والذي يصب في النهاية في صالح شعوب المنطقة، في ظل المكانة المتميزة للسلطان قابوس في إطار علاقاته الوثيقة واتصالاته الدائمة مع قادة بلدان العالم.

نتيجة لكل ذلك تابع المحللون السياسيون أصداء الزيارة التي من المتوقع أن تتتابع لفترة طويلة لاسيما وأنه ستعقبها بلا شك نتائج مؤكدة يمكن البناء والتعويل عليها مستقبلا، كما تمتد انعكاساتها لتشمل دعم الجهود الرامية لإحلال السلام والاستقرار الاقليمى والدولى.

على مدى ساعات زيارة الوزير المسئول عن الشئون الخارجية استقبله نخبة من كبار المسئولين في مقدمتهم الدكتور حازم الببلاوى، رئيس الوزراء، والفريق أول عبد الفتاح السيسى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، واجتمع أيضا مع نبيل فهمي، وزير الخارجية. كما ترأس خلال زيارته وفد السلطنة في اجتماعــات مجلس وزراء الخارجية العرب الذي عقد بمقر الجامعة العربية.

وأشاد الفريق السيسى خلال المقابلة بالمواقف المشرفة للسلطان قابوس، وحكومة السلطنة الشقيقة. وقال إن الشعب المصري لن ينسى أشقاءه في السلطنة الذين دعموا إرادة المصريين وسعيهم إلى بناء مستقبل أفضل لمصر وللأمة العربية.

من جانبه أكد يوسف بن علوي، عمق الروابط التاريخية بين البلدين، مشيرًا إلى حرص السلطنة على تقديم الدعم لمصر خلال المرحلة المقبلة. وقال إن مصر هي الشقيقة الكبرى للسلطنة وأن سرعة استعادة الاستقرار في مصر انعكس بالإيجاب على أمن واستقرار المنطقة العربية.

وفدً دينيًّ رفيع المستوى
في شهر ديسمبر الماضي استقبل فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، في مكتبه وفدًا دينيًّا رفيع المستوى من السلطنة برئاسة الشيخ أحمد بن سعود السيابى، أمين عام مكتب مفتى سلطنة عُمان، لتعزيز التعاون الدينى في مجال الافتاء.

وأطلع فضيلة المفتي الوفد العُماني على أقسام دار الإفتاء وما تقوم به من مهام لخدمة طالبي الفتوى والأحكام الشرعية.
من جانبه أكد أعضاء الوفد العُماني الحرص على زيادة التعاون مع دار الإفتاء المصرية وتبادل الخبرات بين الجانبين.
الجريدة الرسمية