رئيس التحرير
عصام كامل

قبلة على أقدام آلهة يناير


كان يجب أن نفرش سجادة حمراء بطول وعرض ميدان التحرير، وننثر الزهور تحت أقدام عشرين شابا من شباب ثورة يناير وأن نجعل من " خدنا" مداسا لأقدامهم الطاهرة، المباركة، عزيزة الهيبة والمقام، كان يجب أن نقف تحت ميدان عبد المنعم رياض وطلعت حرب وننحر قبيلة من فلول الحزب الوطنى قربانا لآلهة ٢٥ يناير، كى تنعم أرواحهم، وتستقر نفوسهم، وتهدأ قلوبهم المضطربة، ونحول التحرير لمعبد كبير غير مسموح إلا لعشرين إلها دخوله، حتى ولو اضطررنا أن نتخلص من الشعب بأسره، المهم أن يرضى عنا آلهة الثورة وشبابها.


كان يجب على الفريق السيسي قبل "انقلاب٣٠ يونيو" أن يطرق باب المرشد العام لجماعة الإخوان، ليستأذنه أن يدعو الشعب، مش كله طبعا، إن وافق المرشد على "طلبه" نفذ السيسي ما يريده، وإن رفض فالويل للسيسي ورفاقه، وما أدراك من جماعة تشرب المولوتوف كعصير القصب، كان يجب على الفريق السيسي أن يطرق على كل أبواب ثوار يناير العشرين، أصحاب الدعوة لثورة يناير أن يرجع لهم، فهم "ملالى" مصر الجدد، طبعا كى يأخذ مشورتهم ونصحهم، كى تستقيم البلاد لأصحاب الفخامة من الإخوان وآلهة يناير.

يجب ألا يعود الزمن للوراء، ولكننا نعود لما قبل الوراء بكثير، ربما طهق الوراء منا، ولو كان هناك شيء أبعد لذهبنا إليه، المهم والأهم هو أن ننال رضا آلهة يناير، وملالى الإخوان، لا شأن للشعب في ذلك، فليس هناك شعب يرضى بهذا الذل والعار، آلهة يناير حررت الجميع، وأحرجت الكتلة الحرجة نفسها، فهم أصحاب كل المجد، ولولاهم لما خرج الشعب، آلهتنا التي في معابد التحرير وفى مكتب الإرشاد والتنظيم الدولى، ما الذي يرضيكم ؟!.. إن دماءنا التي في الشوارع قد تفوق حصتنا من مياه نهر النيل إذا استمرت إثيوبيا فى بناء سد النهضة، اغفروا لهذا الشعب غفوته في أنه أيد جيش أحمس، وهتف يوما بوحدة الجيش والشعب، هل تريدون إبادة جماعية لهذا الشعب أكثر من ذلك؟!.. لكن يا أبانا الذي في المقطم وفى يناير، لن يكون هناك دماء نقدمها بعد اليوم سوى دمائكم.

ذات يوم ستعجز الأسطورة وستقف عن الحكى، وسيخرج التاريخ لسانه ببلاهة، كى يسجلوا ما جرى، وكيف لدولة بأكملها، رضخت لابتزاز عشرين شابا من ثوار يناير، وتجاهلت مطالب ما يزيد على ٣٠ مليون خرجوا يهتفون باسم مصر وباسم شعبها يطالبون بالأمن والأمان، لا حق لهم في ذلك، الأهم فعلا أن ترضى عنا آلهة يناير ومن في معبد الإرشاد.
الجريدة الرسمية