رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا أرفض اعتذار الإخوان؟


مع اقتراب الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، توقعت أن تقوم جماعة الإخوان المسلمين، بمحاولات عدة لجذب القوى الثورية إليها، وضمها إلى صفوفها في تظاهراتها خلال ذكرى الثورة، وخاصة بعد رفض الأخيرة للعديد من ممارسات النظام الحالي، وعودتها للشارع مرة أخرى للتظاهر ضده.


وبالفعل جاءت توقعاتي في محلها، وقبل أيام قليلة من حلول ذكرى الثورة، أصدرت الجماعة بيانين، دعت من خلالهما شباب الثورة للاتحاد معها، وتنحية الخلافات جانبا، وذلك لمواجهة النظام الحالي.

وعلى الرغم من غضبي من ممارسات النظام الحالي، إلا أنني أرفض التحالف مع الإخوان أو قبول اعتذارهم، وذلك لعدة أسباب، تتمثل أولها في رفضهم للاعتراف بأخطائهم وإصرارهم على إنكار الواقع المحيط بهم.

ففي البيان الأول، الذي أصدروه منذ أيام، لم يُرجعوا السبب فيما وصفوه بـ«الانقلاب العسكري» إلى فشلهم في إدارة شئون البلاد، وعدم الوفاء بوعودهم، وغضب الشعب بسبب ممارستهم، بل أرجعوه إلى مؤامرات دولية وإقليمية ومحلية، وهو ما يؤكد عدم اعترافهم حتى الآن بأن الشعب قد ثار عليهم، وعلى أنهم مازالوا يعيشون حتى هذه اللحظة في عالمهم الخاص الذي يعتقدون فيه أنهم لا يخطئون وأن الكون كله يتآمر ضدهم.

وحتى عندما أشار البيان إلى وجود بعض الأخطاء التي وقعت فيها الجماعة خلال الثلاث سنوات الماضية، استخسر الوقوف عند ذلك، وأضاف عبارة «نحن جموع ثوار يناير» إلى قائمة من أخطأوا، وكأن ثوار يناير هؤلاء كانوا جزءً من نظامهم، وشركاء معهم في ممارستهم التي تسببت في غضب الشعب عليهم!

أما ثاني الأسباب التي تجعلني أرفض هذين البيانين، هو تبني الإخوان مواقف مغايرة لمواقفهم التي تبنوها قبل 30 يونيو، لا لشىء إلا لخدمة مصالحهم السياسية، وقد تجلى ذلك بصورة واضحة، في موقهم تجاه القوى الثورية، فشباب الثورة هؤلاء الذين يصفونهم اليوم بالوطنيين، ويدعونهم إلى التوحد معهم، كانوا منذ شهور قليلة يصفونهم بالبلطجية وكارهي الشريعة وغيرها من الصفات الآخرى، التي اعتدنا، على مدى عام كامل، أن يتهم بها الإخوان كل معارض لهم.

كما ظهر تباين مواقف الإخوان أيضا، في نظرتهم في البيانين، إلى مشاركة 38% من الشعب في الاستفتاء على أنها مقاطعة شعبية هائلة، في حين أنهم قد سبقوا أن هللوا لمشاركة نحو 34% من الشعب على استفتاء دستور 2012، ووصفوها بالنسبة المعتادة في جميع دول العالم الديمقراطية!

أما آخر وأهم الأسباب التي تجعلني أرفض تماما فكرة قبول اعتذار الإخوان، هو أن ما بيننا وبينهم دماء شهداء، لم نقتص لها حتى الآن، فعندما وقفنا بجانبهم وقبلنا اعتذارهم بعد المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية، كان وقتها ما بيننا وبينهم خلاف سياسي فقط، لكن هذه المرة أصبح بيننا وبينهم دماء جيكا وكريستي والجندي وغيرهم من مئات الشهداء الذين سقطوا في ظل حكم رئيسهم، ولا يمكن أن تنسينا دماءهم التي تسيل الآن -مع رفضنا لها- هذه الدماء التي سالت على أيديهم منذ شهور قليلة.
Nour_rashwan@hotmail.com
الجريدة الرسمية