"فلول" و"إخوان" كله في "اللومان".. أسوشيتدبرس تصف دخول مبارك القفص بـ"لحظة لا تصدق".. المعزول يصل الجنايات بتهم "التجسس" و"القتل العمد".. وأهله وعشيرته يحلون محل رموز النظام الأسبق
«هيحضر.. مش هيحضر».. «البلد هتولع لو مجاش».. «ياعم دول هربوه»، وفجأة احتبست الأنفاس، وتعلقت العيون تجاه القفص، ليدخل الرئيس المخلوع حسنى مبارك القفص طريحًا على سريره، محاولًا التخفى عن الأنظار خلف نظارته الشمسية، لتهل وجوه المتابعين للمحاكمة، وتعلو صيحات الله أكبر..الله أكبر، وتنهمر دموع أمهات الشهداء فرحًا مرددين قوله تعالى «قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء».
وشعر المصريون لأول مرة بثمار ثورة يناير، حينما رأوا الفرعون في القفص بعد ما يقرب من ثلاثين عامًا تجبر خلالها في الأرض، وبجواره نجلاه، وزبانيته وهم جلاده ووزير داخليته حبيب العادلى ومساعدوه، ليحفر المصريون يوم 3 أغسطس في أذهانهم حينما استطاعوا أن يدخلوا أول رئيس مصرى القفص وتستحق محاكمته عن جدارة أن يطلق عليها محاكمة القرن.
وتحتل بعدها صورة «مبارك» وهو خلف القضبان وهو ممدد على السرير الصفحات الرئيسية لجميع وسائل الإعلام الأجنبية، ووصفتها وكالة «أسوشيتد برس» بـ«التاريخية» قائلة: إن المحاكمة التي لم يسبق لها مثيل فرصة للمصريين للانتقام لعقود من الحكم القمعى الذي قام بتعذيب المعارضة، ونشر الفساد، وانتشار الفقر وخنق الحياة السياسية، ووصفت لحظة دخول مبارك قفص الاتهام كانت لحظة «لا تصدق» بالنسبة لمعارضيه لأنهم شعروا بأن ثورتهم تتحقق.
وبعد مرور عامين في 4 نوفمبر الماضي، وفى نفس المكان داخل أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس دخل القفص الرئيس المعزول محمد مرسي، ولكن هذه المرة لم يستبعد المصريون مثوله، ولكن أهله وعشيرته فقط هم من راهن على عدم قدرة الحكومة على وضعه في القفص، وكانت التخوفات فقط أمنية، من أن يتم تعطيل المحاكمة بسببها، ليحصل «مرسي» على لقب ثانى رئيس يدخل القفص، وهذه الاحتياطات الأمنية أدت لتأجيل ثانى جلسات محاكمته.
محاكمة مرسي أيضًا كانت محل اهتمام الغرب، وتصدرت صحفها ولكن مع الحديث بأن المشهد «فوضوي» نظرًا لما حدث داخل قاعة المحكمة وقول «مرسي» إنه الرئيس الشرعى للبلاد.
ظهور «المخلوع» داخل قاعات المحكمة اختلف عن «المعزول».. فـ»مبارك» لم يلفظ بكلمة داخل جلسات محاكمته سوى «موجود» ردًا على نداء القاضى له، مكتفيًا بالتلويح في الجلسات التالية للكاميرات ولأنصاره في ثقة تامة بخروجه، إلا أن «مرسي» ظهر في مشهد فسر بإصابته بـ»إنكار للواقع»، وفقًا لشهادات شهود الجلسة التي لم تكن معلنة، فهو رفض توكيل محامٍ للدفاع عنه، وحينما قامت المحكمة بسؤال مرسي عن محاميه، رد قائلًا: «أنا الرئيس الشرعي»، ثم قام بتوجيه كلمة لرجال الشرطة قائلا «أوعوا حد يضحك عليكم»، وحينما نادي قاضى المحكمة عليه لتأكيد حضوره ورد عليه المعزول: «أنا الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية.. وهذا الانقلاب جريمة وخيانة».
«مبارك» لم يكن أول شخص يحاكم من نظامه ولكنه الأبرز لأنه رأس النظام، ويكفى أنه كان بجواره في قضية قتل المتظاهرين حبيب العادلى ومساعدوه ونجلاه علاء وجمال، وفى القفص أيضًا وقف رئيس حكومته الدكتور أحمد نظيف، وأغلب وزرائه، فيما عدا من استطاع الهرب
وعلى الرغم من أن أغلب هؤلاء الأسماء أخلى سبيلهم، وعلى رأسهم «مبارك» الذي خرج في أغسطس الماضي، حتى أنه حضر آخر جلسات محاكمته مرتديا بدلة سوداء بعد أن خلع البدلة البيضاء زى السجن الاحتياطي ومن تبقى منهم داخل السجون ينتظر اللحاق بركب سابقيه في الحرية فإنه تبقى مساءلتهم نصرًا لثورة يناير.
«مرسي» لم يكن وحده داخل القفص ولكن دخل معه «أهله وعشيرته»، ليحلوا محل رموز النظام الأسبق «نظام مبارك»، فدخل القفص مرشد الجماعة الدكتور محمد بديع، ونائبه خيرت الشاطر، وقياداتها مثل محمد البلتاجى وعصام العريان، سعد الكتاتنى، واستطاع بعضهم أن يهرب مرتميًا في أحضان دولة قطر.