رئيس التحرير
عصام كامل

طاهر و"هوى نفس" الببلاوى


لست من الحريصين على متابعة الكرة إلا في المباريات المصيرية أو البطولات الدولية التي لا تتكرر كثيرا، لكن صراحة استفزني ما حدث مع وزير الرياضة طاهر أبوزيد، انطلاقا من ثوابت وليس ميلا لطرف دون الآخر، لأنني بالنهاية غير مهتمة بالشأن الكروي.

يتغنى رئيس الوزراء د.حازم الببلاوي بدولة العدالة والقانون، لكنه لا يطبق العدالة والقانون بـ "مسطرة" واحدة على الجميع..

الببلاوي التزم الصمت أمام قرار وزير الرياضة بحل مجلس إدارة نادي الزمالك، ما يعني أنه انتصر للوزير وأيده في تطبيق القانون وجرى تنفيذ قرار الحل بلا مشاكل. وطبعا هذا أمر طبيعي يجب أن يتبعه مع الوزراء جميعا. لكن حين طالت قرارات طاهر أبوزيد مجلس إدارة الأهلي، مشفوعا بأدلة دامغة على الفساد والقفز فوق القانون وتحدي الدولة، لم ينتصر الببلاوي للوزير هذه المرة، وتعمد إحراجه بإلغاء القرار وإعادة المجلس المنحل.. فأين دولة القانون التي يتحدث عنها الببلاوي وأين هو شخصيا من العدالة؟!

نعرف أن إلغاء بعض القرارات الوزارية من صلاحيات رئيس الوزراء، لكن لماذا يسارع الببلاوي إلى سلطة إيقاف قرار وزاري جرىء ومستحق، تجاه مجلس إدارة مدان بالمخالفات والقضايا، هل خاف الببلاوي من الألتراس الذي يحركه "الإخوان"، أم أنه يعرف أن شخصيات نافذة متورطة في قضايا المجلس المنحل ويخشى الكشف عنها، أم أنه "أهلاوي" وفضل تغليب "هوى النفس" على تطبيق القانون ومحاربة الفساد في مجلس إدارة الأهلي المنتهية مدته القانونية في الأساس؟!

وإلى أن يفرغ رئيس الحكومة من التأمل والتدبر لإيجاد رد مقنع على أسئلة الشارع، لابد من الإشادة بجرأة وحسم الوزير طاهر أبوزيد في اتخاذ القرار، حتى وإن كان في جزء منه تصفية حسابات قديمة كما يقول البعض. لأن ما يعنينا هنا أن الفساد موجود ومتراكم، وفق تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات الذي تضمن الإدانة وأوصى بإحالة جميع الوقائع والبلاغات إلى النائب العام للتحقيق في تعدي رئيس النادي الأهلي على المال العام واستغلاله النفوذ عبر موقعه رئيسا لإدارة الإعلان بمؤسسة "الأهرام" في التربح والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام والإضرار العمدي بأموال الدولة والحصول على رواتب وعمولات ومصاريف فلكية.

لقد استند الوزير أبوزيد في قرار الحل على تقرير الإدارة القانونية بالوزارة، مدعومة بالمستندات الدالة على وجوب إحالة رئيس النادي ومجلسه إلى نيابة الأموال العامة، لارتكابه 16 مخالفة بين الجنحة والجناية، وأهم هذه المخالفات أن حمدي ومعه قيادات في مجلس الإدارة صدرت ضدهم قرارات قضائية تشمل المنع من السفر وعدم التصرف في الأموال الخاصة على خلفية التحقيق معهم في قضايا جنائية تتعلق بالمال العام، وما يتبع ذلك من تعارض قانونى بين منع حمدي من السفر وعدم التصرف في أمواله الخاصة لأنه على ذمة قضية بكفالة مليوني جنيه من ناحية وكونه صاحب التوقيع والمتصرف في أموال النادي وهي أموال عامة من ناحية أخرى.

ومع كل ما سبق ينبري الببلاوي لإعادة حمدي ومن معه، متجاهلا أن النادي بات من "قلاع الإخوان"، وأن لاعبيه تحدوا إرادة الشعب المصري، وخالفوا القوانين الرياضية الدولية بالتلويح بإشارة رابعة الإخوانية في محفل دولي، ولا ننسى لاعبهم الكبير مرتدي تي شيرت "غزة" الإرهابية، الذي تعدى لفظا على الجيش بعد فض الاعتصامات الإخوانية، وهناك أيضا من يفتخر بزيارة "رابعة رايح جاي" قبل فض الاعتصام.

تلك هي النوعية التي يرفض الببلاوي تطهير الأهلي منها. ومهما كانت مبرراته، كان الأجدر به أن يحترم قرار الوزير وينصح حمدي باللجوء إلى القضاء عله ينصفه، كما أنصف مجلس مرتضى منصور من قبل، ومجلس نادي الصيد من بعد، والمفارقة غير المعقولة هنا، أن يصدر حكما بسجن وعزل أبوزيد بعد يومين فقط من قراره بحل مجلس إدارة الأهلي!!.. لكن تبقى كلمة لرئيس الحكومة "أن من يخون الأمانة مرة لا يؤتمن بالمرة".
الجريدة الرسمية